واشنطن تضرب قرب السواحل الفنزويلية وتوسّع حشدها العسكري في الكاريبي — قراءة استراتيجيّة شاملة من كل الزوايا
الحدث في ميزان الاستراتيجية
واشنطن تضرب قرب السواحل الفنزويلية وتوسّع حشدها العسكري في الكاريبي — قراءة استراتيجيّة شاملة من كل الزوايا
1) الملامح الميدانية السريعة
•ضربة بحرية أميركية استهدفت سفينة مُشتبهًا في حملها مخدرات، مع وجود ناجين من الطاقم.
•تقارير عن حشد أميركي واسع في البحر الكاريبي: مدمرات، مقاتلات متقدّمة (F-35)، غواصة نووية، قوات خاصة ونحو 6,500 جندي.
•نشر وحدات عمليات خاصة (من بينها عناصر من الفوج 160) وطلعات مروحيات قرب المياه القريبة من فنزويلا.
2) ماذا تريد واشنطن؟ دوافع التصدّي والتصعيد
•مكافحة شبكات تهريب مخدرات: رواية شرعية داخلية لشن عمليات خارجية تحت شعار الأمن الداخلي.
•ضغط استراتيجي على كراكاس: استهداف قدرات الحرس الساحلي أو شبكات التهريب يضغط على شرعية مادورو ويقوّي حملة واشنطن ضد حلفائه الإقليميين.
•إعادة رسم النفوذ: رسالة عسكرية سياسية مفادها أن الولايات المتحدة قادرة على الحركة السريعة في محيط نصف الكرة الغربي، خصوصاً في ظل منافسة روسية–صينية متزايدة في أمريكا اللاتينية.
•ضمان الردع الإقليمي: منع التحالفات المعادية أو قواعد مؤثرة (روسية/إيرانية) من التوسع في نطاق النفوذ الكاريبي.
3) المشروعية القانونية والسياسية: علامات استفهام جوهرية
•العمليات في المياه الدولية لا تُخرج الضمانات القانونية تلقائيًا من الالتباس:
•تبريرها الأميركي يستند إلى «حرب ضد إرهاب المخدرات» وادعاء فشل الأساليب التقليدية.
•مع ذلك، ضربات أدت إلى وفيات وإصابات تثير تساؤلات حول مطابقة الإجراءات لقواعد القانون الدولي (سيادة الدول، استخدام القوة، حماية المدنيين) ومساءلة برلمانية داخل الولايات المتحدة.
•سياسات «العمل السري» (تفويضات لوكالة الاستخبارات) تزيد من غموض الشرعيات والرقابة الديمقراطية.
4) بعد دبلوماسي وإقليمي: ردود فعل مرتقبة وتأثيرات فورية
•فنزويلا: إدانة رسمية، طلب شجب دولي في الأمم المتحدة، تحريض داخلي لتعزيز رواية استهداف السيادة الوطنية — ورفع وتيرة العزلة الدبلوماسية لواشنطن في المحافل الإقليمية.
•أمريكا اللاتينية: دول يسار/وسط (المكسيك، الأرجنتين، بعض دول الكاريبي) قد تُدين، بينما حلفاء واشنطن بالمنطقة قد يتبنّون موقفاً أكثر تبريراً للأعمال الأميركية.
•روسيا/إيران: فرص دبلوماسية واستPROPاغاندا ضدّ واشنطن؛ محتمل استثمار سياسي وعسكري (تعزيز علاقات مع كراكاس، بيع نظم دفاعية، دعم سياسي).
•الأمم المتحدة/المحاكم الدولية: دعوات للتحقيق قد تُقدّم، وما سيفتح بابًا لمعارك قانونية ودبلوماسية على الساحة الدولية.
5) الأبعاد العسكرية والتقنية: مستوى التصعيد وتحوّلات العقيدة
•نشر قدرات متقدمة (غواصات، F-35، قوات نخبة) يحوّل منطقة الكاريبي إلى ساحة اختبار لقدرات عملياتية متعددة الأدوار (استطلاع، اعتراض، عمليات خاصة).
•هذا ليس مجرد عمل لمكافحة تهريب؛ هو إظهار قوة — اختبار للاستجابة العسكرية، قدرة نقل سريع، ودمج استخباراتي ولوجستي على مسافة قصيرة من سواحل دولة ذات سيادة.
6) السيناريوهات المحتملة (وقصيرة المدى ومتوسطة الأمد)
أ. سيناريو الاحتواء (الأكثر احتمالاً على المدى القصير)
•واشنطن تستمر في عمليات محدودة ضد أهداف محدّدة، تكثيف الضغوط السياسية والدبلوماسية على كراكاس، مع تجنّب المواجهة المباشرة.
عواقب: تأزّم دبلوماسي، حملات إدانة، استنفار عسكري محدود، لكن دون مواجهة شاملة.
ب. سيناريو المواجهة المتصاعدة
•حادث يودي بحياة مواطنين من دول الثلاث أو يتم استهداف سفينة مدنية بعُرض البحر يؤدي إلى تصعيد ردّ فعل فنزويلي (قصف قواعد أو اعتراض سفن).
عواقب: خطر اشتباك أكبر، انخراط روسي/إيراني دبلوماسيًا وربما عسكريًا، صدمة سوقية للسلع (خاصة الطاقة)، ضغط دولي على واشنطن.
ج. سيناريو الانجرار السياسي
•ضربات مستمرة تقوّي معسكر المعارضة داخل فنزويلا وتحدُث شرخاً داخلياً، أو تُستخدم كحافز لمؤامرة/محاولة تغيير النظام بدعم خارجي.
عواقب: مخاطر كارثية على الاستقرار الإقليمي، موجات نزوح، تواصل عسكري طويل الأمد.
7) التبعات الاقتصادية والأمنية الإقليميّة
•الأسواق العالمية قد تتفاعل لو تصاعد العنف: ارتفاع أسعار النفط (مخاوف إمدادات عبر طرق بحرية)، تزايد التأمين البحري في الكاريبي.
•زيادة نشاطات مكافحة المخدرات والأساليب العنيفة قد تُربك شبكات التهريب ولكنها قد تؤدي أيضًا إلى تفكك شبكات مع انتقالها إلى طرق وأساليب أكثر خطورة.
8) توصيات استراتيجية للممثلين الرئيسيين
أ — لواشنطن
•اعتمد وضوحًا قانونيًا ودبلوماسيًا: شرح سلطة العمليات، عرض أدلة قاطعة ضدّ أهداف التهريب، وطلب تفويض أممي/إقليمي إن أمكن لتقوية الشرعية.
•تجنّب أعمال أحادية توسّع دائرة العنف؛ العمل المشترك مع جيران فنزويلا لمنح العملية طابعًا متعدد الأطراف سيحدّ من تكلفة العزلة الدولية.
•بناء آليات شفافة للرقابة البرلمانية لتجنّب أزمة شرعية داخلية.
ب — لكراكاس
•المحافظة على خطاب متوازن: الاستفادة من الشرعية الدولية لفضح الانتهاكات، لكن الامتناع عن ردود عسكرية تصعيدية تؤدي إلى خسائر أكبر.
•البحث عن حاضنة دولية (ربما عبر حركة عدم الانحياز أو دول أمريكا اللاتينية) لرفع صوتها في الأمم المتحدة.
ج — لدول المنطقة (CARICOM، البرازيل، المكسيك، الأرجنتين)
•الدعوة لوساطة إقليمية فورية لخفض التوتر، وطلب تحقيق أممي مستقل في الحوادث.
•الضغط على واشنطن لاتباع نهج يضمن احترام السيادة ويحدد قواعد المشاركة العسكرية في المنطقة.
د — للمجتمع الدولي والمنظمات
•تفعيل آليات تحقيق شفافة مستقلة في الحوادث التي تودي بحياة مدنيين.
•تسريع القنوات الإنسانية/الاقتصادية لتقليل حوافز شبكات التهريب (التنمية البديلة).
9) خلاصة استراتيجية موجزة
الضربة الأميركية ونشر الأسلحة في الكاريبي يمكن قراءتهما كتحوّلٍ استراتيجي: من مكافحة تهريب تقليدية إلى سياسة ضغط شاملة تهدف لإعادة رسم النفوذ في نصف الكرة الغربي. هذا المسار يحمل فائدة تكتيكية لواشنطن، لكنه أيضاً محفوف بمخاطر قانونية ودبلوماسية وجيو-سياسية قد تفتح جبهات جديدة — مع موسكو وبكين على وجه الخصوص — إذا لم يتحكَّم في سعرها بذكاء متعدد الأطراف وشرعية واضحة.