القمة السعودية – الإماراتية في الرياض: فلسطين في العلن ... واليمن في الكواليس
القمة السعودية – الإماراتية في الرياض: فلسطين في العلن ... واليمن في الكواليس
الرياض – تحليل استراتيجي - بحر العرب
شهدت الرياض يوم أمس الأربعاء قمة سعودية – إماراتية جمعت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في لقاء وُصف بـ”الأخوي” وجاء في توقيت إقليمي بالغ الحساسية .
فلسطين في ...صدارة البيانات
ركزت التصريحات الرسمية الصادرة عقب القمة على القضية الفلسطينية، حيث شدد الجانبان على دعم “حل الدولتين” ورفض الممارسات الإسرائيلية الأخيرة، مع تأكيد استمرار الجهود الدبلوماسية المشتركة لحماية الحقوق الفلسطينية وإعادة إحياء مسار السلام .
كما تم التطرق إلى العلاقات الثنائية وملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري، في ظل رغبة البلدين بتعزيز موقعهما كمحور ثقل رئيسي في مجلس التعاون الخليجي .
اليمن ... الملف المسكوت عنه
رغم غيابه عن البيانات الرسمية، إلا أن مصادر مراقبة تؤكد أن الملف اليمني كان حاضراً بقوة في النقاشات غير المعلنة، إذ لا يمكن تجاهل أن السعودية والإمارات هما الفاعلان الأكثر تأثيراً في الساحة اليمنية منذ 2015 .
فالأزمة اليمنية – بتشعباتها الإنسانية والاقتصادية والعسكرية – لم تعد مجرد شأن داخلي، بل تحوّلت إلى ملف إقليمي استراتيجي يعكس توازن القوى بين الرياض وأبوظبي .
خريطة المصالح ... في اليمن
الطرف الأهداف المباشرة الأدوات المستخدمة نقاط القوة / التأثير
السعودية حماية الحدود الجنوبية – منع قيام كيان معادٍ على حدودها – تأمين عمقها الأمني دعم الحكومة المعترف بها دولياً – الوساطات الدبلوماسية – النفوذ المالي العمق الجغرافي – الشرعية السياسية – ثقلها الإقليمي .
الإمارات السيطرة على الموانئ والجزر – ترسيخ نفوذ اقتصادي وتجاري طويل الأمد – إنشاء قواعد نفوذ جنوبية قوات محلية موالية ومرتهنة لها – استثمارات في الموانئ – نفوذ أمني مباشر التفوق البحري – شبكة تحالفات محلية – التموضع في الممرات البحرية .
نقاط التلاقي مواجهة الحوثيين – إبقاء اليمن تحت نفوذ التحالف، رغم أنف شعبه - تشتيت قواه الوطنية الحية – منع قوى ثالثة ( إيران / تركيا /قطر ) من التمدد تنسيق عسكري متقطع – خطاب موحد في المحافل الدولية قدرات مالية وعسكرية ضخمة .
نقاط الصدام ملف الجنوب (الوحدة vs الانفصال) – إدارة الموانئ والجزر – طبيعة الحل السياسي النهائي صراع وكلاء محليين – تباين الأجندات الاقتصادية تهديد تماسك التحالف – تعقيد فرص التسوية ودوام معناة اليمنيين .
المآلات المحتملة
1.استمرار الوضع الراهن : بقاء التدخلات الفجة والمزدوجة دون حلول حقيقية، مما يعني مزيداً من الفوضى والانهيار الداخلي في اليمن .
2.تفاهمات سعودية–إماراتية خاصة باليمن : قد تفضي إلى إعادة توزيع مناطق النفوذ، لكنها ستُبقي القرار السيادي اليمني مرتهناً للخارج .
3.مراجعة استراتيجية تحت الضغط الشعبي والدولي : تنامي الغضب الشعبي في الداخل ضدهم، بالتوازي مع الضغوط الدولية، قد يدفع البلدين إلى إعادة صياغة دورهما بما يضمن الحد الأدنى من الاستقرار وتخفيف التوتر .
الخلاصة :
القمة السعودية – الإماراتية في الرياض أظهرت أن فلسطين هي العنوان المعلن، لكن اليمن هو العنوان المضمر .
فما جرى لم يكن مجرد لقاء ثنائي لتبادل المجاملات، بل محطة لإعادة تقييم أوراق النفوذ في الإقليم .
السؤال الاستراتيجي الذي يفرض نفسه : هل يتجه البلدان إلى مراجعة جدية لسياساتهما في اليمن بما يتناغم مع التطلعات المشروعة للشعب اليمني، أم سيبقى اليمن ساحة لتصفية الحسابات وإعادة إنتاج التحالفات ؟
الإجابة ستحدد ليس فقط مستقبل اليمن، بل مصداقية الدور الخليجي برمته في المنطقة.
الشعب يرى ... المشهد بوضوح
لم يعد بالإمكان إقناع اليمنيين بأن السعودية والإمارات مجرد “وسطاء للسلام”. بعد عقد من التدخلات، صار يُنظر إليهما كجزء أصيل من المشكلة، لا كجزء من الحل.
فالشعب الذي جاع وانكسرت مؤسساته، يرى أن الحرب تحوّلت إلى اقتصاد نفوذ، وأن المساعدات الإنسانية ليست سوى غطاء سياسي لإدامة واقع مختل وبلد محتل.
إن الاستراتيجية التي تراهن على إدارة الأزمة بدلاً من حلها قد تستنزف اليمن لسنوات، لكنها في المقابل تستنزف أيضاً صورة الرياض وأبوظبي في وعي الناس. ومع تراكم الضغوط الشعبية والدولية، قد تجد الدولتان نفسيهما عاجلاً أو آجلاً أمام حقيقة صادمة :
لا يمكن لأي نفوذ أن يستقر فوق أرض غاضبة، ولا لأي سلطة أن تُبنى على حساب كرامة شعب بأكمله.