من تشييع إلى مبادرة.. "كشف الحقيقة" صرخة مدنية لمحاسبة قتلة إفتهان المشهري
بحر العرب ـ اليمن ـ خاص:
من قلب الموكب الجنائزي الحاشد للشهيدة إفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، التي اغتيلت في 18 سبتمبر/أيلول الجاري، وُلدت مبادرة مدنية جديدة حملت اسم "كشف الحقيقة"، لتتحول جنازتها إلى لحظة مفصلية في مسار المدينة التي أنهكتها الحرب والانقسامات.
اغتيال يهز المدينة
اغتيال المشهري، المعروفة بصرامتها في مواجهة الفساد وبصمتها الواضحة في تحسين خدمات النظافة العامة، لم يُنظر إليه كحادث فردي، بل اعتبرته المبادرة تتويجاً لمناخ "اقتصاد العنف والفساد" الذي ينهب موارد الدولة، ويستغل السلاح لإسكات الأصوات النزيهة. وأكد القائمون على المبادرة أن دم الشهيدة لن يكون خاتمة لمسارها الإصلاحي، بل بداية لحراك مدني واسع عنوانه: "لا يُدفن الحق ولا تُكتم الحقيقة".
ثلاثية الحقيقة والعدالة والتغيير
في بيانها التأسيسي، حددت مبادرة "كشف الحقيقة" ثلاثة محاور استراتيجية لعملها:
-
الحقيقة الكاملة: بتوثيق تفاصيل الجريمة وكشف المتورطين المباشرين والمخططين، مع فضح الشبكات التي تحمي الفساد وتغذي العنف في مؤسسات الدولة.
-
العدالة الناجزة: عبر الضغط من أجل مسار قضائي مستقل وشفاف، يخضع له الجميع بلا استثناء أو حصانة، لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي ترسخت في اليمن.
-
التغيير المستدام: بتحويل قضية اغتيال المشهري إلى رافعة لإصلاح مؤسسات الدولة، وضمان استقلاليتها عن المسلحين، وحماية الموارد العامة من النهب.
صوت المدينة لا يُسكت
المبادرة أكدت أن انطلاقها جاء متكئاً على إصرار أسرة الشهيدة، واحتجاجات عمّال النظافة، والاعتصامات الشعبية التي تلت عملية الاغتيال، معتبرة أن هذه الأصوات منحتها شرعية شعبية، وأنها تمثل الإرادة الجمعية لأبناء تعز الذين سئموا الفوضى وغياب القانون.
وسائل سلمية وتحشيد مدني
وأوضحت "كشف الحقيقة" أنها ستعتمد مقاربة متكاملة تجمع بين التوثيق الإعلامي، والمرافعة القانونية، والتحشيد المدني السلمي، بهدف تحويل الغضب الشعبي إلى نتائج عملية ملموسة، تعيد الثقة بالقانون وتعيد لمدينة تعز كرامتها المهدورة. كما شدد البيان على التزام المبادرة بالوسائل السلمية، ورفضها أي ممارسات خارج القانون.
دعوة للانخراط
في ختام بيانها، وجهت المبادرة دعوة مفتوحة إلى مختلف الفعاليات الحقوقية والإعلامية والمدنية للانضمام إلى أنشطتها ودعمها، سواء من خلال التغطية الإعلامية أو المرافعة القانونية أو المشاركة في الضغط الشعبي، مؤكدة أنها ستكون "منبراً للعدالة وصوتاً للشعب لا يمكن إسكاتُه".
بين الرمز والدلالة
رحيل إفتهان المشهري، التي أصبحت رمزاً للنزاهة والجرأة في مواجهة الفساد، فتح الباب أمام حراك مدني جديد يرى في دمها أداة لتغيير أوسع من مجرد محاكمة للقتلة، بل فرصة لاستعادة هيبة المؤسسات وحماية المدينة من عبث السلاح والمال الفاسد.
ومع إطلاق "كشف الحقيقة"، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة هذه المبادرة على تحويل الغضب الشعبي إلى مسار عملي يضع حداً لسنوات من الفوضى والإفلات من العقاب.