خطة ترامب لغزة
خطة ترامب لغزة
الحدث في ميزان الاستراتيجية
1. الوضع الراهن (الوقائع التي تُؤطّر الحدث)
•غزة خرجت من حرب مدمّرة خلفت تفككًا مؤسسياً وإنسانياً واسعًا، وفراغًا في الإدارة المحلية واحتقانًا سياسيًا وشعبياً.
•المجتمع الدولي وخصوصًا الولايات المتحدة تسعىان إلى احتواء التصعيد ومنع انتقال الأزمة إلى مواجهة إقليمية أوسع.
•إسرائيل تُريد ضماناً أمنياً طويل الأمد ومنع تكرار تهديدات عبر حدودها الجنوبية، بينما حماس تواجه ضغوطًا هائلة على الصعيد العسكري والإنساني والسياسي.
•مزيج من الوسطاء (قطر، مصر، دول عربية أخرى) منخرطون في محادثات داخلية وخارجية تهدف إلى خلق صيغة توافقية لما بعد الحرب.
2. الأهداف
•البيت الأبيض / إدارة ترامب:
•إظهار القدرة على «حل» أزمة معقدة وإعادة وضع الولايات المتحدة كفاعل محوري في تسوية المنطقة.
•خلق إطار إداري وسياسي مؤقت يمنع الفراغ ويُهيئ لمرحلة إعادة إعمار وشرعنة تسوية محسوبة.
•إسرائيل:
•تحييد غزة كتهديد أمني (نزع السلاح)، استعادة الأسرى، وضمان انسحاب منظم لا يترك فراغًا تستغله مجموعات مسلحة.
•حماس:
•الحفاظ على وجودها السياسي والرمزي، حماية قواعدها الشعبية، تحصيل تنازلات مقابل الإفراج عن الأسرى والوقف الفوري للعمليات العسكرية.
•الدول العربية (مصر، قطر، الاردن، دول الخليج):
•تفادي انهيار أمني إنساني كبير على حدودها، استعادة دور الوسيط، والضغط لصياغة حل لا يفتح باب تهجير أو فراغ طويل.
•المجتمع المدني الدولي والمانحون: تحييد الملف عن أدوات الهدم السياسي، فتح منفذ إنساني وإعادة إعمار مشروط بشفافية ومراقبة.
3. الخفايا (ما لا يقال صراحة — دوافع ومخاطر خفيّة)
•خفايا دور توني بلير ومقعد «القيادة الدولية»: اختيار شخصية غربية بارزة يهدف إلى منح الخطة غطاء شرعياً دولياً، لكن يقابله رفض شعبي فلسطيني محتمل لقيادة تبدو «مفروضة».
•شرطية التنفيذ: كثير من البنود (نزع السلاح، انسحاب إسرائيلي، إدارة انتقالية) تتطلب آليات تنفيذ وفرض — من سيُطبّقها عمليًا إن تأخرت حماس أو رفضت؟ هذا فراغ تنفذه إسرائيل أو القوة الدولية المقترحة.
•الرهان على إفراج الأسرى مقابل تنازلات: الإفراج عن أسرى إسرائيل قد يكون الثمن المطلوب مقابل التنازلات؛ لكن أي ثغرة في تنفيذ بند الأسرى قد تنهار كلّ الصفقة.
•الشرعية الفلسطينية المشتتة: السلطة الوطنية ضعيفة تنظيمياً وسياسياً في غزة؛ إعادة توحيد الضفة وغزة يتطلب حوارات داخلية واسعة قد تستغرق سنوات.
•الأهداف الأميركية الإقليمية: إظهار نجاح سريع سيقود إلى غياب عمق حلّ سياسي جذري؛ التسرع قد يُنتج حلًّا شكليًا يواجه مقاومة شعبية.
•موازين الردع الإقليمية: إيران و«محورها» قد تراها محاولة لتصفية مقاومات إقليمية ببوابة إدارية — قد يدفع ذلك إلى ردود غير مباشرة.
•خطر الشرعية الدولية المتقلبة: حتى لو نُفِّذت الخطة، تصنيفها كـ«احتلال أم إدارة دولية» سيحكم عليها بآليات قانونية وسياسية طويلة الأمد.
4. المآلات (سيناريوهات محتملة — قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى)
سيناريو قصير المدى (0–3 أشهر) — احتمال: مرتفع
•تحقّق وقف نار محدود في مقابل إطلاق أسرى جزئي وتراكم جهود إنسانية. إدارة انتقالية تعمل بقدرة محدودة، مع تصعيدات موضعية إذا أُخلفت شروط السحب أو الإفراج.
سيناريو متوسط المدى (3–18 شهراً) — احتمال: متوسط
•إعادة إعمار جزئية بدعم عربي ودولي، مع بروز حكومة تكنوقراطية مؤقتة. استمرار نقاط احتكاك أمني وسياسي مع تحدّيات لوجستية وقانونية (نزع السلاح، توطين اللاجئين، شرعية السلطة). احتمال تراجع شعبية الخطة إذا لم تُشاهد نتائج ملموسة بسرعة.
سيناريو طويل المدى (أكثر من 18 شهراً) — احتمال: متقلب
•نجاح مُقوّم: تحوّل الإدارة المؤقتة إلى مرحلة انتقالية فعّالة تُعيد المؤسسات وتفتح طريقًا لإجراء انتخابات وإعادة توحيد فلسطينية تتم عبر صفقة شاملة.
•فشل متزايد: فشل الإدارة المؤقتة وإعادة تفعيل المقاومة أو ظهور فصائل جديدة يؤدي إلى تجدد العنف، عزلة دولية أو إعادة نظر إقليمية في خطوط الضبط.
5. خريطة المخاطر الأساسية
•رفض حماس أو التأخير في الإفراج عن الأسرى يؤدي إلى انهيار الصفقة.
•ضعف تنفيذ آليات نزع السلاح يترك إمكانية إعادة عسكرة القطاع.
•مقاومة شعبية للمكوّن الأجنبي (بلير/حكومة دولية) يمكن أن تحوّل السلطة المؤقتة إلى شريك هشّ.
•تصدّع التحالفات العربية أو تراجع الدعم المالي سيضعف قدرة الخطة على إعادة الإعمار.
٠ردود إقليمية من إيران أو حلفائها في حال اعتُبرت الخطة استهدافًا لمكانة المقاومة.
الخلاصة الاستراتيجية
خطة ترامب تقدم إطارًا عمليًا للخروج من حلقة الانهيار العاجلة في غزة: وقف نار، تبادل أسرى، إدارة مؤقتة، وإعادة إعمار. لكنّها تقف على مفترق حسّاس بين الرمزيّ والسياديّ: هل ستتحوّل السلطة المؤقتة إلى آلية فعّالة تبني مؤسسات قابلة للحياة، أم إلى جسر مؤقت ينهار أمام رفض شرائح داخلية أو فشل تنفيذي؟
نجاح الخطة يعتمد على ثلاثة شروط حاسمة ومترابطة: التزام حاسم من جميع الأطراف (إفراج كامل عن الأسرى ونزع سلاح فعلي) — آليات تنفيذ وإشراف دولي قويّ — حزمة اقتصادية وإعادة إعمار سريعة تكسب الناس نتائج ملموسة، تصل في نهاية المطاف إلى الدولة الفلسطينية المستقلة،
بدون هذه الثلاثية، ستبقى الخطة ورقة دبلوماسية قيمة، لكن هشّة، وقد تُنتج حلًا شكليًا يخفي أزمة عميقة تُستنفَد طاقتها وتتجدّد على نحو مؤلم.