بحث

المرحلة الثانية من نزع سلاح حزب الله: اختبار صعب لسيادة الدولة اللبنانية

الأحد 21/ديسمبر/2025 - الساعة: 11:19 ص

صحيفة بحر العرب - متابعات:

 

تُعد المرحلة الثانية من نزع سلاح ميليشيا حزب الله شمال نهر الليطاني تحديًا حاسمًا أمام الدولة اللبنانية، في ظل تعقيدات داخلية وضغوط دولية متصاعدة تسعى لتوسيع تنفيذ القرار الأممي 1701 إلى ما هو أبعد من نطاقه الحالي.

 

ويرى محللون أن هذه المرحلة تمثل اختبارًا فعليًا لقدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها، في وقت تتقاطع فيه الإرادة الدولية مع الانقسام السياسي الداخلي، ما يفتح الباب أمام احتمالات توتر أمني وتصعيد سياسي في المرحلة القادمة.

شأن داخلي 

قال الأمين العام للجمعية العربية للعلوم السياسية، الدكتور حسان الأشمر، أن لبنان نفذ التزاماته الكاملة تجاه القرار الأممي 1701، بشهادة قوات اليونيفيل، لا سيما في ما يتعلق بمنطقة جنوب الليطاني، حيث تم تسليم السلاح، في وقت تستمر فيه الخروقات الإسرائيلية.

 

و أوضح الأشمر أن تحديد مراحل نزع السلاح من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل يمثل محاولة لنقل الأزمة إلى الداخل اللبناني، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستخدم هذا الطرح للضغط الداخلي عبر تصوير حزب الله كخطر دائم على الحدود الشمالية.

 

واعتبر أن المرحلة الأولى من تنفيذ القرار باتت شبه منجزة، على أن تُستكمل بحلول نهاية الشهر، بحسب تصريحات رسمية لبنانية. أما المرحلة الثانية شمال الليطاني، فرأى أنها تتجاوز إطار القرار 1701، وتعدّ شأنًا داخليًا يُعالج بالحوار والتوافق بين اللبنانيين أنفسهم.

 

دعم الجيش اللبناني

وشدّد  الأشمر، على أن تحميل الجيش اللبناني مسؤوليات إضافية في ما يُعرف بـ"المرحلة الثانية" من نزع سلاح حزب الله شمال الليطاني، يجري دون توفير أي دعم حقيقي، سوى التصريحات، مما يهدد بعرقلة دوره ويضعف من قدرته على تنفيذ مهامه.

 

وأوضح الأشمر أن تنفيذ هذه المرحلة لا يمكن أن يتم إلا بعد تزويد الجيش بالعتاد الكافي وتعزيز عديده، مشددًا على أن ذلك يستلزم توافقًا لبنانيًا داخليًا يضمن عدم الانزلاق نحو اضطرابات جديدة.

 

وأضاف أن إسرائيل تسعى، عبر الضغوط السياسية والأمنية، إلى زعزعة الاستقرار اللبناني، مستغلة هشاشة المشهد الداخلي، بهدف تفجير أزمات داخلية تُخفف عنها الضغوط الحدودية وتُبعد المواجهة عن الداخل الإسرائيلي.

 

كما دعا الأشمر المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، وعلى رأسها الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، والسماح بعودة المهجرين، مؤكداً أن لبنان لم يجنِ حتى الآن أي مكاسب مقابلة للتنازلات التي قدّمها في الجنوب.

 

وختم بالتأكيد أن أي حديث عن مرحلة ثانية من نزع السلاح يجب أن يُبنى على دعم فعلي للجيش، واحترام السيادة اللبنانية، لا أن يُفرض كأمر واقع أو يُستخدم كأداة ضغط على الحكومة اللبنانية.

الاختبار الصعب

 

اعتبر الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب أن الشروع في المرحلة الثانية من نزع سلاح ميليشيا حزب الله، شمال نهر الليطاني، يمثل التحدي الأخطر للدولة اللبنانية، مشككًا بقدرتها على تنفيذ هذه الخطوة في ظل مواقف الحزب الرافضة لأي توسيع لتطبيق القرار 1701 خارج الجنوب.

 

وأكد دياب أن أي محاولة رسمية لتحديد منطقة جديدة لتطبيق المرحلة الثانية قد تؤدي إلى مواجهة مفتوحة مع الحزب على الأرض، محذرًا من أن الدولة اللبنانية ستكون أمام معضلة كبرى إذا لم يتم التوافق داخليًا قبل الشروع بهذه الخطوة.

 

وأوضح أن إسرائيل والولايات المتحدة باتتا على قناعة بأن الحلول السياسية مع حزب الله وإيران لم تعد مجدية، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد تتجه لتنفيذ نزع السلاح بالقوة، في حال تعذّر على الدولة اللبنانية إنجازه.

 

وأضاف أن هذا التصعيد يضع لبنان على حافة مرحلة شديدة الخطورة مع بداية العام 2026، مع تقلص فرص الحل السياسي وتصاعد نبرة التهديدات الإسرائيلية، في ظل تسريبات أمريكية تتحدث عن ضرورة التعامل مع حزب الله بشكل مختلف خلال المرحلة المقبلة.

 

"مشهد بالغ التعقيد"

 

وأشار  دياب أن الدولة اللبنانية خضعت لاختبارات عديدة، ولن تكون قادرة على تنفيذ أي إجراء يؤدي إلى نزع سلاح ميليشيا حزب الله بالقوة، معربًا عن أمل اللبنانيين في حال تطور الأوضاع إلى تصعيد بأن تبقى العمليات موجهة ضد "حزب الله" فقط، دون المساس بمؤسسات الدولة وبنيتها التحتية.

 

وأكد دياب بأهمية دور المجتمع الدولي وقوات "اليونيفيل" في حماية الاستقرار في جنوب لبنان، مشددًا على أن المشهد اللبناني الحالي شديد التعقيد، وأن الأوضاع الإقليمية والدولية لا تصبّ في مصلحة لبنان أو حزب الله، في ظل انحياز دولي واضح لإسرائيل على حساب لبنان.

 

واختتم دياب تحليله بالتأكيد على أن الوضع الراهن يتطلب حوارًا وتوافقًا داخليًا لتفادي تفاقم الأزمات الأمنية والسياسية، في وقت تتصاعد فيه الضغوط الخارجية للضغط على لبنان وحزب الله.

متعلقات:

آخر الأخبار