العراق يعزز قواته على الحدود مع سوريا عقب هجوم تدمر
صحيفة بحر العرب - خاص
كثّفت القوات الأمنية العراقية خلال الساعات الأخيرة إجراءاتها على امتداد الشريط الحدودي مع سوريا، عقب الهجوم الذي استهدف قوات أمريكية وسورية في مدينة تدمر.
وأدى الهجوم إلى مقتل جنديين أمريكيين ومترجم مدني، وإصابة ثلاثة جنود آخرين، في عملية أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية للشرق الأوسط "سنتكوم" أن منفذها مسلح منفرد ينتمي إلى تنظيم داعش.
وجاء التحرك العراقي وسط مخاوف متزايدة من انتقال تداعيات الهجوم إلى الداخل العراقي، في ظل الطبيعة الجغرافية المعقدة للمناطق الحدودية، وتاريخها الطويل مع تحركات التنظيم، خصوصاً في مناطق البادية ووادي حوران والمناطق الرخوة أمنياً.
والهجوم وقع داخل مقر تابع للأمن السوري في مدينة تدمر التاريخية، أثناء اجتماع ضباط سوريين و أمريكيين بينما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن القوات اشتبكت مع المسلح وقتلته في المكان.
بدوره، قال مصدر عسكري عراقي إن القيادات الأمنية العراقية تابعت الهجوم منذ لحظاته الأولى، وتم التعامل معه على أنه مؤشر أمني خطير، خاصة في ظل التشابه الجغرافي والبيئي بين مناطق البادية السورية والمناطق الغربية من العراق.
وأضاف المصدر، الذي طلب حجب اسمه،أن القوات العراقية دفعت بتعزيزات جديدة إلى مناطق التماس مع الحدود السورية، ورفعت مستوى الجهد الاستخباري والاستطلاع الجوي، تحسباً لأي محاولات تسلل أو نشاط معاد قد يستغل التطورات الأخيرة.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي امتداداً لخطة سابقة شملت تعزيز الشريط الحدودي بجدران كونكريتية وأسلاك شائكة، إضافة إلى إعادة تموضع بعض القطعات بناء على معلومات استخبارية عن تحركات مشبوهة في الجانب السوري.
وخلال الأشهر الماضية، نفذت القوات العراقية عمليات تفتيش واسعة في وادي حوران بعد رصد طائرات مسيرة لوجود نشاط لعناصر داعش ومحاولات إنشاء مضافات سرية، حيث جرى التعامل معها ميدانياً.
وتشير التقديرات الأمنية إلى أن المناطق الحدودية، الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر بين العراق وسوريا، لا تزال تمثل تحدياً مستمراً، بسبب وعورة التضاريس، واتساع الصحراء، وتشابك المسارات، التي استغلها التنظيم سابقاً في تنفيذ هجمات عابرة للحدود.
بدوره قال الخبير الاستراتيجي جواد الدهلكي إن الهجوم الأخير يشكل تهديداً جدياً ويرفع من نسبة المخاطر في المناطق القريبة من بعض القطعات الماسكة، خاصة في مناطق يسودها نمط سلوك محلي ومناطقي يسمح بشن هجمات تكتيكية.
وأضاف الدهلكي أن ما جرى يعيد إلى الأذهان سيناريوهات سابقة، أبرزها حادثة سقوط سرية من الشرطة الاتحادية في الحويجة، حيث يتم التهيؤ لمحاور تقدم بإسناد إقليمي، إلى جانب تداعيات إطلاق سراح أعداد من عناصر داعش من مخيم الهول.
وأكد أن "تداخل هذه العوامل يشكل خطراً قادماً، خصوصاً مع عودة التنظيم إلى العمل بأسلوب الذئاب المنفردة والضربات المحدودة ذات الأثر السياسي والأمني العالي".
ورغم خسارته السيطرة المكانية، لا يزال تنظيم داعش يحتفظ بآلاف العناصر المنتشرين بين سوريا والعراق، يعملون ضمن خلايا صغيرة تعتمد على التمويل الذاتي والاختباء في المناطق الصحراوية والقرى النائية.
وتقدّر مصادر أمنية أن التنظيم يركز حالياً على الهجمات النوعية المحدودة، مستفيداً من الثغرات الأمنية، والتحولات السياسية والأمنية في المنطقة.
وفي ظل هذه المعطيات، تبدو الحدود العراقية مع سوريا واحدة من أكثر الجبهات حساسية، مع تصاعد القلق من محاولات التنظيم إعادة ترتيب صفوفه مستفيداً من الفوضى النسبية في بعض المناطق، ما يضع الأجهزة الأمنية العراقية أمام اختبار دائم لمنع تكرار سيناريوهات الماضي.