فؤاد مخزومي : اسلحة حزب الله مأمنه بغطاء سياسي جامع
بحرالعرب_محمد حامد:
أكد عضو مجلس النواب اللبناني، فؤاد مخزومي، أن نجاح الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله مرتبط بتأمين غطاء سياسي داخلي جامع ودعم عربي ودولي مستدام.
وشدد على ضرورة نزع الذرائع من أمام إسرائيل وذلك بتنفيذ قرار نزع السلاح بأسرع وقت، وحسم نهائي لمنع وجود سلاح خارج إطار الدولة.
وأوضح مخزومي، أنه من أجل عدم منح حزب الله حجّة للتمسك بسلاحه، يجب الإسراع في تمكين الجيش ليكون المرجعية الوحيدة للدفاع عن لبنان، حتى لا يبقى قرار الحرب والسلم رهينة مجموعات مسلّحة.
وقال مخزومي إن حزب الله يخشى إعطاء اللبنانيين المغتربين الحق في الاقتراع على كل المقاعد خلال الانتخابات النيابية القادمة، لأن ذلك سيؤدي إلى تغيير حقيقي في موازين القوى داخل البرلمان المقبل.
وعن العلاقات مع دمشق، ذكر أن المطلوب اليوم علاقة ندّية بين لبنان وسوريا، قائمة على الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال، بعيداً من أي وصاية أو تدخل في شؤون لبنان الداخلية، رافضا أن يكون لبنان ساحة صراعات أو ممرا لتصفية الحسابات الإقليمية.
وإلى نص الحوار..
في البداية.. كيف ترى قدرة الجيش اللبناني على إتمام نزع السلاح بالشكل المطلوب في جنوب الليطاني واستكماله في بقية المناطق؟
أود التأكيد أن الجيش اللبناني هو المؤسسة الوطنية الوحيدة المخوّلة حمل السلاح على كامل الأراضي اللبنانية، من جنوب الليطاني وصولاً إلى كل المناطق من دون استثناء، ومن هنا أيدنا قرار الحكومة حصر السلاح، وهو قرار مهم ولا يمكن للجيش إلا تطبيقه.
ونحن نرى أن من الضروري اليوم منح الدعم الكامل للجيش اللبناني لتطبيق القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 1701 بكافة مندرجاته، لنؤكد للمجتمع الدولي أننا نقوم بكل ما يلزم، وتهيئة الأرضية لنحصل على الدعم اللازم لإعادة إعمار الجنوب، ليتضح أيضًا أننا نقوم بكل التزاماتنا تجاه بلدنا.
أما الكلام المتداول عن عدم قدرة الجيش على التنفيذ فهو حديث مرفوض، الجيش قادر على الإمساك بزمام الأمور، وهو يمتلك القدرة والكفاءة والانضباط والخبرة اللازمة، لكن نجاحه في مهمة نزع السلاح مرتبط بتأمين غطاء سياسي داخلي جامع، ودعم عربي ودولي مستدام، وإذا توافرت هذه المظلة، فالجيش بالتأكيد قادر على نزع السلاح ولو بشكل تدريجي يحفظ الاستقرار ويعيد هيبة الدولة.
في أي حال، لبنان لا يمكن أن يستقيم إلا عبر تطبيق الدستور وتفعيل القوانين والالتزام بالقرارات الدولية التي تضمن حماية سيادته واستقلاله، وبناء مؤسساته، وتؤمّن في الوقت نفسه الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس، واستعادة الأسرى، وإطلاق مسار الإعمار، بما يفتح الباب أمام نهوض اقتصادي واجتماعي متكامل.
ما الاحتياجات الداخلية والعربية والدولية التي يريدها الجيش لإتمام نزع سلاح حزب الله؟
أعتقد أن نزع سلاح حزب الله واستعادة السيطرة الحصرية للدولة على السلاح ليست مجرد خطوة أمنية بل هي الأساس لفرض السيادة وإنجاح مشروع دولة متكامل.
بالطبع، هذا يتطلب سياسة جريئة، إضافة إلى خطة اقتصادية واجتماعية وإصلاحات عميقة وجدية، ناهيك عن ضرورة ترسيم الحدود بشكل كامل مع جيراننا، ومن دونها، لن يكون هناك ثقة أو استقرار أو دعم دولي، فمن خلال التقدم في هذه الإصلاحات بالتوازي مع نزع السلاح، سيتمكن لبنان من فتح الباب أمام المساعدات والاستثمارات الدولية اللازمة لإعادة الإعمار الحقيقي.
الأمر المهم في ذلك أن لبنان بحاجة ماسة اليوم إلى الدعم العربي والدولي؛ ما يوفّر للجيش الغطاء السياسي والضمانات الأمنية والتمويل الاقتصادي والعسكري اللازم لتحويل نزع السلاح من مهمة صعبة داخليًا إلى مشروع وطني قابل للتنفيذ والاستدامة.
وهنا أريد أن أذكر أن دولا عربية والولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي عبّروا أكثر من مرة عن استعدادهم للوقوف إلى جانب لبنان ودعم الحكومة والجيش، لكن الجميع يرهن هذا الدعم الدولي والعربي بمساعدتنا لأنفسنا وبأن نتعاون ونمد أيدينا لبعضنا بعضا، وأن نكون مجتمعين خلف الجيش اللبناني.
الجيش هو أداة السيادة، لكنه لا يستطيع حمل هذا العبء وحده دون قرار سياسي واضح، ودعم دولي ملموس مرتبط بآلية مراقبة وتعهدات أمنية واقتصادية، فقط بهذه الحزمة المتوازنة يمكن أن ننتقل من خطاب إلى واقع يضمن سيادة لبنان وأمن مواطنيه.
كيف ترى تأثير الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب على عملية نزع السلاح؟
أرى بصراحة أنه يجب نزع الذرائع من أمام إسرائيل وذلك بتنفيذ قرار نزع السلاح بأسرع وقت، وحسم نهائي لمنع وجود سلاح خارج إطار الدولة، ونحن إذ ندين هذه الاعتداءات وآخرها الاستهداف الاسرائيلي الذي أودى بحياة عائلة بريئة في بنت جبيل، وعلى إدانتنا لهذه الخروقات نجد ضرورة كي نضع حداً لمثل هذه الاعتداءات في صفوف المدنيين.
ومن أجل ألا نمنح حزب الله حجّة للتمسك بسلاحه، يجب الإسراع في تمكين الجيش ليكون المرجعية الوحيدة للدفاع عن لبنان، فلا يبقى قرار الحرب والسلم رهينة مجموعات مسلّحة وكذلك العمل على فرض ضغوط دولية على إسرائيل.
مجزرة بنت جبيل الرهيبة تؤكد أنه حان الوقت لوقف نزيف الدم والخسائر، بالوقوف وراء الدولة تجاوزا لأوهام السلاح والردع.
في ظل تأكيد رئيس الجمهورية على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها.. هل لبنان مستعد لهذه الخطوة؟
في البداية، أشدد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، فهذا استحقاق دستوري لا يجوز التلاعب به أو تأجيله تحت أي ذريعة.
أما عن السؤال حول استعداد لبنان لهذه الخطوة، فبرأيي نعم، إذا توافرت الإرادة السياسية وتمّ تأمين الشروط اللوجستية والإدارية، من لوائح شطب شفافة، وتمويل كافٍ لوزارة الداخلية، وضمان إشراف قضائي ورقابة دولية.
أعتقد أن إجراء الانتخابات في موعدها سيكون رسالة واضحة أن لبنان لا يزال قادراً على احترام دستوره ومؤسساته، وأن الشعب هو مصدر الشرعية، وهذا ما سيسهم في استعادة الثقة داخلياً وخارجياً.
من هنا، أجدد التحذير من أي محاولات أو مناورات لتأجيل الانتخابات النيابية لعام 2026، فهذا استحقاق دستوري ووطني لا يملك أحد حق التلاعب به، وأي محاولة لحرمان اللبنانيين من حقهم الديمقراطي ستواجَه برفض شعبي وسياسي واسع.
كيف ترى المطالبات الخاصة بتأجيل الانتخابات والرفض من حزب الله ضد تصويت المغتربين على الـ 128 مقعدا؟
التأجيل يعني استمرار الانهيار وتكريس غياب الشرعية، والتأجيل إن حصل سيشكّل انتهاكاً صارخاً للدستور ولحق الشعب اللبناني في تجديد مؤسساته.
أما بالنسبة لرفض حزب الله تصويت اللبنانيين المغتربين على كامل المقاعد الـ128، فهذا إجراء غير دستوري، المغتربون هم رئة لبنان الاقتصادية والاجتماعية، وحرمانهم من التصويت الكامل يعني تهميش دورهم الوطني والتقليل من قيمتهم كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.
لذا فإن إعطاء المغتربين الحق بالاقتراع على كل المقاعد سيؤدي إلى تغيير حقيقي في موازين القوى داخل البرلمان، وأعتقد أن حزب الله يخشى ذلك، وبالتالي فإن الرفض قرار سياسي لا قانوني.
وأؤكد في السياق أن مشاركة المغتربين الكاملة ضرورة وطنية، والانتخابات يجب أن تُجرى في موعدها وتحت رقابة نزيهة، كي يستعيد اللبنانيون الثقة بالدولة ومؤسساتها.
لا يحق لأحد أن يصادر هذا الاستحقاق، فالأمور كلها مترابطة من السلاح إلى انتخابات المغتربين إلى الانتخابات النيابية عموماً وما يلحقها من إصلاحات كلها Package واحدة، ضرورية لنقل لبنان من العزلة والتقوقع إلى الدولة القوية المنفتحة على العالمين العربي والغربي دون حواجز أو معوقات.
ما الأسس التي يجب أن تكون عليها العلاقة بين لبنان وسوريا في المرحلة المقبلة؟
طبعاً، نحن مع بناء علاقة واضحة وشفافة بين لبنان وسوريا، لكن على أسس جديدة مختلفة عن الماضي. فالمطلوب اليوم علاقة ندّية، قائمة على الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال.
وأعتقد أن هذه العلاقة يجب أن ترتكز على ملفات تخدم مصلحة الشعبين، وفي مقدمتها: ملف النازحين السوريين، وترسيم الحدود، والتعاون الأمني لضبط التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية ومكافحة الاتجار بالمخدرات وتهريب السلاح، وأي علاقة خارج هذا الإطار تتحول إلى عبء على لبنان.
وعلاقتنا مع سوريا يجب أن تكون مثل علاقتنا مع أي دولة عربية شقيقة، وفق قواعد القانون الدولي ومصلحة لبنان أولاً.