خلطات التسمين: امتلاء زائف وانهيار حقيقي
في غمرة البحث عن الجمال والوزن المثالي، تلجأ كثيرات — دون وعي — إلى خلطات تسمين تُباع على أنها طبيعية وآمنة، وهي في الحقيقة تحمل في طياتها مخاطر صحية جسيمة.
في هذه القصة الواقعية، يروي الدكتور وهاج المقطري، استشاري أول الطب الباطني الحرج وأمراض الجهاز التنفسي، حالة طبية صادمة تفضح الوجه الخفي لهذه الخلطات، وتحذر من كارثة صحية قد تنتهي بما لا تُحمد عقباه:
بنت في أواخر العشرينيات من العمر نقلوها الطوارئ في حالة إغماء وهبوط حاد في ضغط الدم، اشتكت قبل ذلك بيومين من صداع وآلام في العضلات ووهن وإرهاق شديدين وفقدان الشهية وتقيؤ مستمر، وبعد الإجراءات الإسعافية الأولية وتقييم الحالة وأخذ التاريخ المرضي بدقة، تبين أن كل تلك الأعراض بدأت بعد أن توقفت فجأة عن تناول إحدى خلطات التسمين (المشهورة) التي كانت تتعاطاها منذ أشهر طويلة استعدادًا لعرسها، وحين طلبنا منها فحص الكورتيزول الصباحي جاءت النتيجة منخفضة بشكل كبير!!
وهنا تكررت القصة التي رأيتها مرارًا، تثبيط حاد في الغدة الكظرية نتيجة تعاطي مزمن لمادة كورتيزونية أُدرجت خلسة ضمن تركيبة تلك الخلطات التي يُروج لها كمسمنات طبيعية وآمنة!
ما يحدث أن هذه الخلطات تحتوي في الخفاء على مشتقات الكورتيزون (مثل ديكساميثازون أو بريدنيزولون)، والتي تعطي الجسم مظهر امتلاء مؤقت لكنها تثبط الغدة الكظرية تدريجيًا، وحين يتوقف الشخص عنها فجأة ينقطع المصدر الخارجي للكورتيزون بينما تكون الغدة الداخلية قد توقفت عن العمل فيحدث الانهيار!
نعم، الانهيار الحقيقي، فقد تؤدي هذه الحالة إلى هبوط ضغط شديد واضطراب الشوارد وغيبوبة وربما الوفاة في الحالات الشديدة، وهي حالة تعرف طبيًا بقصور الكظر الحاد (Adrenal crisis) ، والخطورة الكبرى أن هذه الخلطات تُعطى بشكل عشوائي دون وصفة طبية ولا يُعرف تركيز المادة الكورتيزونية داخلها ويتم استخدامها لأشهر وسنوات!
تنبيه لكل من يستخدم خلطات التسمين، قد تظن أن ما تتناوله طبيعي لكنه قد يكون قنبلة صامتة تُثبط غددك وتنهك جسدك ثم تتركك على حافة الهاوية عند أول توقف!
فلا تبحث عن الوزن في علب مجهولة، بل ابحث عن الصحة التي لا تشترى بثمن!!