بحث

قاضية أميركية تمنع «إن-إس-أو» الاسرائلية من استهداف مستخدمي واتساب وتخفض التعويض إلى 4 ملايين دولار

السبت 18/أكتوبر/2025 - الساعة: 9:06 ص

 

قاضية أميركية تمنع «إن-إس-أو» الاسرائيلية من استهداف مستخدمي واتساب وتخفض التعويض إلى 4 ملايين دولار

 

حكم قضائي يوقِف برامج التجسس لكنه يثير جدلاً حول معيار الضرر الإلكتروني وسبل المساءلة

 

أصدرت قاضية اتحادية أميركية، أمس الجمعة، أمراً قضائياً يمنع شركة «إن-إس-أو» الإسرائيلية — المنتجة لبرنامج التجسّس «بيغاسوس» — من استهداف مستخدمي خدمة التراسل «واتساب» المملوكة لشركة ميتا، كما خفّضت قيمة التعويضات المالية المقررة سابقاً من 168 مليون دولار إلى 4 ملايين دولار فقط.

 

وقالت القاضية فيليس هاميلتون في حكمها إن الأدلة أثبتت أن سلوك الشركة «يسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه» وأن «إن-إس-أو» نفذت عمليات هندسة عكسية لشفرة واتساب لتثبيت برمجيات خبيثة تتيح اختراق هواتف المستخدمين سرّاً، وأن البرنامج أعيد تصميمه مراراً لتفادي اكتشافه وتجاوز ترقيعات الأمان. وبذلك منحت المحكمة شركة ميتا أمراً دائماً بوقف أساليب التجسّس هذه على منصتها.

 

مع ذلك، قالت القاضية إن سلوك المجموعة لم يبلغ مستوى «الفظاعة الشديدة» (atrocity-level conduct) الذي يبرر حكم هيئة المحلفين الأصلي بتعويض 168 مليون دولار، فتمّ تعديل مبلغ التعويض إلى 4 ملايين دولار — وهو قرار أثار استغراب نقّاد حقوقيين وقانونيين ووسّع دائرة النقاش حول كيفية قياس الأضرار الرقمية والتعويضات المقررة لها في العصر الرقمي.

 

من جهته رحّب ويل كاث-كارت، الرئيس التنفيذي لواتساب، بالحكم على نحو عملي، ووصفه بأنه يمنع «إن-إس-أو» من استهداف واتساب ومستخدميها مرة أخرى، واعتبره إنجازاً منتظراً بعد ست سنوات من التقاضي لمساءلة الشركة عن استهداف ناشطين وصحفيين ومحامين ومدافعين عن حقوق الإنسان.

 

تفاصيل الدعوى والأدلة

•رفعت ميتا الدعوى الأصلية في أواخر 2019، متهمة «إن-إس-أو» بمحاولة إصابة نحو 1400 جهاز مستهدف ببرمجيات خبيثة تستخدم أساليب متقدمة لمحاكاة حركة مرور واتساب ونشر البرمجية الخبيثة دون علم المستخدم.

•أثبتت المستندات أن البرنامج قادر على تشغيل كاميرا الهاتف وميكروفونه والوصول إلى بياناته، مما يتيح الاطلاع على رسائل مشفّرة بعد فك تشفيرها على الجهاز المصاب.

•النصوص والأدلة المقدمة بيّنت أيضاً أن الشركة أعادت تصميم أدواتها لتجاوز تحديثات الأمان على واتساب وتفادي آليات الكشف.

 

موقف «إن-إس-أو» وواقع الصناعة

 

تُصرّ «إن-إس-أو» — التي تأسست عام 2010 ومقرّها هرتسليا بإسرائيل — على أن ترخيص برمجياتها يقتصر على دول وحكومات «لمكافحة الجريمة والإرهاب»، وأنها تبيع تقنياتها لجهات رسمية فقط. أما منتقدوها، فيؤكدون أن أدواتها تُستخدم لدى أنظمة ذات سجلات مظلّة في حقوق الإنسان لملاحقة صحفيين ونشطاء ومعارضين.

 

نقطة إضافية وردت في التغطيات: استحواذ مجموعة استثمارية أميركية مؤخراً على حصة مسيطرة في «إن-إس-أو»، ما يضيف بُعداً تمويلياً واستراتيجياً لقضية المساءلة القائمة.

 

لماذا هذا الحكم مهم؟

1.سريان الأمر القضائي: الحظر القضائي يقطع استخدام «إن-إس-أو» لوسائل محددة لاستهداف مستخدمي واتساب، ما يشكّل سابقة عملية في مواجهة شركات «التكنولوجيا القتالية».

2.مأزق التعويضات: تخفيض التعويضات يفتح نقاشاً حول معايير تقدير الضرر الرقمي؛ كيف تُقوّم المحكمة الأذى النفسي والسياسي والتشغيلي الناتج عن اختراق هواتف نشطاء؟ وهل كافٍ مبلغ 4 ملايين دولار لردع صناعة برمجيات التجسّس؟

3.سقف المساءلة: الحكم يعكس صعوبة إثبات «سوء نية فظيع» في قضايا التجسّس المتقنة تقنياً، ما قد يترك ثغرات قانونية أمام شركات مماثلة في المستقبل.

4.تداعيات حقوقية ودولية: قرار الحظر يلقى ترحيب من منظمات حقوق الإنسان، لكن خفض الغرامة أثار تساؤلات لدى مناصري حماية الخصوصية عن فعالية أنظمة العدالة في مساءلة جهات تمثل تهديداً خطيراً للحريات الرقمية.

 

ما التالي؟

•الدفاع عن «إن-إس-أو» أعلن عزمه الطعن في الحكم القضائي بشأن تفاصيل التعويض وقدرات الشركة على مواجهة القيود القانونية.

•من المرجح أن تتبع قضايا ثانوية ومطالبات تعويض فردية من ضحايا محددين (صحفيين ومحامين ونشطاء) أمام محاكم أخرى أو جهات حقوقية.

•سيستمر الضغط السياسي والبرلماني في الولايات المتحدة وأوروبا لوقف تصدير تقنيات المراقبة إلى أنظمة قد تنتهك حقوق الإنسان، وربّما تسفر عن تنظيم تشريعي أوسع لقطاع «الأمن السيبراني الهجومي».

 

الخلاصة: القرارات القضائية بحق «إن-إس-أو» تمثل نصرًا قانونيًا جزئياً لشركات التكنولوجيا المدنية وحقوق الخصوصية، لكنها أيضاً تعكس حدود النظام القضائي في احتساب التعويضات الرقمية وردع سوق برمجيات التجسّس. المعركة القانونية والتشريعية مستمرة — وعلى دول وشركات التكنولوجيا وضع حدودٍ واضحة لاستخدام أدوات المراقبة، أو مواجهة مزيد من التدخلات القضائية والتنظيمية في محطات لاحقة.

متعلقات:

آخر الأخبار