بحث

اليمن: عدن تعلن البريقة منطقة منكوبة بسبب كارثة السيول الجارفة


بحرالعرب_علاء بدر

 

أعلنت السلطة المحلية بالعاصمة عدن نداء استغاثة عاجل إلى كافة الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية، للتدخل الفوري إثر الكارثة الإنسانية التي شهدتها منطقة الحسوة في مديرية البريقة منذ فجر أمس الأول السبت، جراء المنخفض الجوي الذي ضرب عدن والمحافظات المجاورة، معلنة البريقة منطقة منكوبة.

 

وأكدت أن الأمطار الغزيرة والسيول القادمة من محافظة لحج نحو ساحل الحسوة خلفت دمارا واسعا وأضرارا فادحة في الأرواح والممتلكات، بما في ذلك هلاك عشرات المنازل بالكامل وتضرر مئات المنازل جزئيًا وفقدان عشرات الأسر لكل مقتنياتهم الأساسية من مأوى وغذاء وملابس ومحاصرة مئات الأسر داخل منازلها في منطقة الحسوة وعشرات الأسر عالقة في مدينة إنماء نتيجة انقطاع الطرق وتسجيل وفيات وإصابات بسبب الانهيارات المفاجئة والغرق وجرف السيول الممتلكات، بما في ذلك سيارات وباصات نقل، وتضرر البنية التحتية وانقطاع الطريق الرئيسي المؤدي إلى المديرية بالكامل ودخول مياه الأمطار، أحيانًا مختلطة بمياه الصرف الصحي، إلى بعض المنازل.

 

وأوضح مدير المديرية د. صلاح الشوبجي، الذي نجا مع مرافقيه أثناء إنقاذ مواطن جرفته السيول في الوادي الكبير، أن الوضع الحالي كارثي وخارج عن السيطرة، ويتفاقم مع استمرار تدفق السيول حتى لحظة إعداد البيان، داعيا إلى تدخل عاجل لتقديم المساعدات وحماية السكان المتضررين.

 

وفي السياق، توقع المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر، استمرار هطول الأمطار المتفاوتة الغزارة المصحوبة بالعواصف الرعدية على عدة محافظات خلال الـ 24 ساعة المقبلة.

 

وقال المركز في نشرته الجوية، إنه من المتوقع هطول أمطار متفاوتة الغزارة مصحوبة بالعواصف الرعدية وتساقط حبات البرد أحيانا على السواحل الغربية وسهل تهامة من حجة شمالًا إلى تعز جنوبًا.

 

كما توقع هطول الأمطار على سلسلة المرتفعات الجبلية الغربية والهضاب الداخلية وتشمل محافظات صعدة، حجة، المحويت، عمران، صنعاء، ذمار، ريمة، إب، البيضاء، الضالع، تعز ولحج، بالإضافة إلى السواحل الجنوبية والمناطق الداخلية المحاذية لها، وكذا محافظات الجوف، مأرب، شبوة، حضرموت والمهرة.

 

وحذر المركز، المواطنين من التواجد في بطون الأودية ومجاري السيول، ومن العواصف الرعدية، والرياح الهابطة الشديدة وحبات البرد وانجراف التربة والانهيارات الصخرية.

 

ونبه المركز، من تدني الرؤية الأفقية في الطرق والمرتفعات الجبلية بسبب كثافة السحب والأمطار وتشكل الضباب أو الشابورة المائية.

 

ودعا المواطنين لاتباع إجراءات السلامة للوقاية من العواصف الرعدية، والابتعاد عن المنحدرات غير المستقرة، مطالبًا الجهات ذات العلاقة لاتخاذ الإجراءات الاحترازية المطلوبة للحفاظ على الأرواح والممتلكات.

 

وانتشلت يوم أمس جثة المواطن سمي محمد سعيد أحمد، الذي جرفته السيول التي تدفقت أمس الأول على منطقة الحسوة بمديرية البريقة بعدن.

 

وأفاد النقيب عاصم بن قنان، ضابط أمن مركز شرطة إنماء: "لقد ثم رصد الجثة مساء أمس الأحد قبل أذان المغرب في ساحل الحسوة بجانب فندق القصر وقمنا بالنزول لمكان البلاغ وانتشال الجثة من البحر وإحضارها للقسم والتواصل مع أهل المفقود للتعرف على الجثة وتم التعرف عليه من قبل أهله، حيث إن الغريق يسكن في مدينة الشعب (مخيم النازحين) مديرية البريقة ويدعى/سمي محمد سعيد أحمد".

 

وتم نقل الجثمان لثلاجة مستشفى الجمهورية لإنهاء الإجراءات القانونية ومن ثم سيتم تسليم الجثة لأقرباء الغريق.

 

مراسل "الأيام" من الميدان يغطي الجانب المحزن من كوارثة سيول الحسوة في مديرية البريقة.

 

تائهون ونازحون ومتضررون ومفقودون وجوعى وعطشى، وكذلك وفيات وإصابات نتيجة الانهيارات المفاجئة والغرق..

 

تلك اللحظات عاشها أناس كثر في أطول يوم مر على العاصمة عدن، وكان أثره وما زال صعب الوصف على من تحطمت منازلهم جراء وصول المنخفض الجوي إلى عدن صباح يوم السبت الموافق 23 أغسطس 2025م وهو الذي ظل مجيئه يشكل قلق ورعب لسكان المدينة ولمدة أسبوع كامل.

 

وأخذ المتابعون أماكنهم أمام شاشات هواتفهم والتلفاز ليشاهدوا الأعمال التي بذلتها جميع القطاعات سواءً الحكومية أو الخاصة أو المجتمعية لإنقاذ ما يُـمكن إنقاذه ومساعدة المنكوبين.

 

أحياء بكاملها تضررت في مديرية البريقة غرب عدن بفعل الأمطار الغزيرة التي لم تشهدها المدينة منذ أربعة عقود، ولأول مرة منذ سنوات تعلن سلطة محلية أن مديريتها باتت منكوبة وفي سابقة لأول من نوعها ناشد المجلس المحلي لمديرية البريقة منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية والدولية والجهات المانحة والداعمة للتدخل العاجل والفوري من أجل تقديم المساعدة.

 

لقد ظلت عائلات طريقها وهي تنفد بجلدها من منازلها التي طمرتها الأتربة وأغرقتها السيول فكانوا يسيرون في الطرقات بحثًا عن مأوى.

 

يقول أحدهم "لكنت أقود سيارتي بالقرب من الأحياء المتضررة، فرأيت امرأة ومعها ابنتيها يمشون على خطى متسارعة وهن في قلق وتوتر شديدين، وعندما اقتربت منهن وأبديت استعدادي لتوفير المأوى لهن بدا عليهن الاستحياء والتردد فما كان مني إلا أن غادرت بخجل فلا أعلم كيف أساعدهن في ذلك الموقف الشديد.

 

وكانت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة القادمة من محافظة لحج باتجاه العاصمة عدن وصلت إلى أنحاء مختلفة من منطقة الحسوة وخلَّـفت دمارًا واسعًا وأضرارًا فادحة في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة وتسببت بهلاك كلي لعشرات المنازل وتضررت مئات البيوت الأخرى جزئيًا، بالإضافة إلى أن مئات العائلات فقدت المأوى والملابس والممتلكات الأساسية وأصبحوا بدون طعام ولا شراب، وحوصرت المئات من الأسر داخل منازلها، لتغمر المياه مساكن أخرى، وحتى في مدينة إنماء السكنية كان عدد من السكان عالقون بعد انقطاع الطريق الرئيس بينها وبين الحسوة، كما جرفت سيول الحسوة سيارات المواطنين وحافلات النقل، وألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية، وما زاد من الطين بلة أن مياه الأمطار غمرت المناطق والشوارع لتختلط بمياه الصرف الصحي وتدخل كضيف غير مرحب به في بعض منازل الأهالي.

 

وأصبح سكان البريقة المنكوبة بحاجة إلى مأوى طارئ للمتضررين تحديدًا، وفُـرُش ومستلزمات أساسية، ومواد غذائية للأسر الفقيرة، ودعم لوجيستي وإغاثي لمساندة فرق الإنقاذ والإجلاء، وتوفير آليات ومضخات شفط لتصريف المياه الراكدة للحيلولة من أن تتحول إلى بؤر للأوبئة والأمراض.

 

واعترف المجلس المحلي للبريقة بأن الكارثة الإنسانية المتسارعة تفوق قدراته على الاستجابة أو التدخل الفعال، مذكرًا أن إنقاذ الأرواح والتخفيف من جحم المأساة الإنسانية بات واجبًا لا يحتمل التأجيل.

 

من جهٍة أخرى فإن الجهود مستمرة لإنقاذ وإغاثة الناس، وتأمين مجرى السيول وشفط المياه ورفع المخلفات، وكذلك حصر الأضرار بالأرواح والممتلكات بمتابعة مدير عام مديرية البريقة صلاح يحيى الشوبجي وإشراف وزير الدولة محافظ العاصمة عدن الأستاذ أحمد حامد لملس.

 

وفي قرية فقم الكائنة على أطراف البريقة من جهة الغرب تهدمت ثلاث منازل وغرق أكثر من خمسين بيتًا بصورة كاملة مع محتوياتها، بينما حاصرت المياه حارة حاشد، كما تضرر محول الكهرباء الرئيس والذي أصبح محاطًا ببحر من المياه.

 

وفي شأنٍ متصل وجَّـه مدير عام مديرية البريقة مدير مكتب التربية والتعليم في المديرية بضرورة فتح المدارس للأسر النازحة.

 

وبحسب إفادة مدير مكتب وزارة التربية والتعليم في مديرية البريقة فهد الذنبة فإنه قد تمت الاستجابة السريعة والفورية للأمر وتم استضافة عدد من الأسر في مدارس: مدرسة الجوهري في الحسوة، وثانوية الشعب، ومدرسة عمر بن عبدالعزيز، وثانوية الكويت في منطقة أبو حربة.

 

كما أعلنت مدرسة صُـناع النجاح الأهلية والكائنة في مدينة إنماء القديمة عن فتح أبوابها للأسر المتضررة من سيول منطقة الحسوة، بينما أبدت مدرسة المنهاج الأهلية في منطقة إنماء المرحلة التاسعة عن استعدادها لإيواء المنكوبين من المنخفض الجوي الذي ضرب الحسوة.

 

وفي بادرة شبابية معبرة عن قوى الترابط الاجتماعي في أوقات العسر قام مجموعة من الشباب بزيارة مدرسة الجوهري في الحسوة بعد علمهم أن الساكنين فيها يفتقرون لماء الشرب، وانعدامه في الحمامات كذلك، حيث كان يسكنها (45) أسرة وقاموا بتقديم الوجبات الغذائية وإحضار بوز الماء إلى المدرسة، وفيما بعد تناقصت عدد العائلات القاطنة في المدرسة بعد أن حصر أقاربهم وأخذوهم إلى منازلهم في مديريات أخرى لتتبقى 15 أسرة في المدرسة ومعظمهم من النساء والأطفال.

متعلقات:

آخر الأخبار