بحث

المغاربة فخر الأمة: قافلة الصمود تعيد للشعوب صوتها في نصرة غزة


في زمنٍ تراجع فيه دور الأنظمة وتراخت فيه الإرادات السياسية، انطلقت قافلة “الصمود” المغاربية من أعماق شمال أفريقيا نحو غزة، لتعيد الأمل وتُحيي روح التضامن الشعبي مع الشعب الفلسطيني المحاصر.
قافلة فريدة من نوعها في الحجم والدلالة، تجاوزت الحدود الجغرافية متحدّية الحصار والخذلان الدولي والضغوط السياسية.

وفي قلب هذا الحراك الشعبي البارز، برز الشعب المغربي بدوره الريادي، مؤكدًا أن البوصلة لا تزال تشير إلى فلسطين، وأن شعوب الأمة لم تنسَ واجبها التاريخي والأخلاقي.

المغاربة… فخر الأمة

من شوارع الرباط إلى ميادين طرابلس، حضرت الرايات المغربية جنبًا إلى جنب مع الرايات الفلسطينية، في مشهدٍ يجسّد وحدة المصير العربي. شارك المغاربة بالمئات في قافلة الصمود، ليس فقط بأجسادهم ومركباتهم، بل بمواقفهم وتنظيمهم ودعمهم، فكان صوتهم واضحًا ومؤثرًا في كسر جدران الصمت العربي.

لقد رافقوا القافلة من تونس إلى ليبيا، وتحمّلوا مشاق السفر عبر الصحراء، وأطلقوا حملات دعم شعبية واسعة، وكانوا في طليعة من واجه محاولات تشويه القافلة إعلاميًا. هم أبناء الأطلس الذين لطالما حملوا قضايا الأمة على عاتقهم. ولا شك أن المغاربة، بهذا الموقف، أكدوا من جديد أنهم فخر هذه الأمة.

من تونس إلى غزة مرورًا بليبيا

بدأت القافلة في التاسع من يونيو من العاصمة التونسية، وتحمل أكثر من ثلاثمئة مركبة ومئات المشاركين من تونس، الجزائر، المغرب، وموريتانيا، في ما وُصف بأنه أكبر تحرك شعبي مغاربي لنصرة غزة منذ عقود.
ثم عبرت القافلة إلى ليبيا، حيث لقيت استقبالاً حافلاً في مدن الزاوية وطرابلس ومصراتة، واستكملت استعداداتها للانتقال إلى معبر رفح البري على الحدود المصرية.

رسالة إلى القاهرة: هل تُفتح أبواب رفح؟

تواجه القافلة اليوم لحظة مفصلية تتمثل في دخول الأراضي المصرية. فمصر، التي كانت تاريخيًا بوابة غزة إلى العالم، تجد نفسها بين دعوات شعبية عربية تدعو إلى تسهيل مرور القافلة، وضغوط إسرائيلية مباشرة لمنعها بحجة المخاوف الأمنية.
الموقف المصري المنتظر سيكون مؤشراً حاسمًا على مدى تجاوب الأنظمة مع الإرادة الشعبية، وعلى مدى التزامها بدعم القضية الفلسطينية في هذا التوقيت الحرج.

أهمية القافلة في هذا التوقيت

أولًا، تمثّل القافلة تعبيرًا صادقًا عن صوت الشعوب في مقابل صمت الحكومات. وثانيًا، فإنها أعادت تسليط الضوء على مأساة غزة إعلاميًا ودوليًا، بعد أن كادت تختفي من أولويات الساحة السياسية.
وثالثًا، فإنها تسهم في إحياء ثقافة المقاومة السلمية والمدنية، إذ إن المشاركين لا يحملون إلا المساعدات الرمزية وأصواتهم. وأخيرًا، فإن منعها - إن وقع - سيكون بمثابة فضح للمواقف المتخاذلة، وكشف من يعرقل وصول الدعم الحقيقي إلى أهل غزة.

بين الأمل والمنعطف

تقف القافلة الآن على أعتاب التاريخ. ملايين العيون تتابعها، وآمال الشعوب معلّقة بمصيرها. هل ستُفتح بوابة غزة؟ هل يُسمح لها بالوصول إلى أهلها الذين ينتظرون بلهفة أي مبادرة تضامنية؟

لكن المؤكد أن هذه القافلة، حتى وإن لم تصل إلى غزة، فقد وصلت إلى قلوب الملايين، ونجحت في تحقيق ما هو أعمق من اختراق الحصار الجغرافي: أعادت الروح إلى جسد الأمة.

الختام: شعوب حية وأمل لا يموت

لقد رأينا في هذه القافلة وجه الأمة الحقيقي، لا الصورة التي تصنعها البيانات الرسمية. رأينا شبابًا من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا يهتفون لفلسطين، ونساءً يرفعن أعلام غزة فوق الرمال الليبية.
رأينا أن الضمير العربي لم يمت، بل عاد لينبض من جديد.

ويبقى أن نقول، بكل اعتزاز:

المغاربة فخر.
لأنهم ساروا في طريق الكرامة حين توقفت الأرجل، وصمتت الأفواه، وثبتوا على العهد بأن فلسطين كانت وستبقى قضيتهم المركزية.

متعلقات: