بحث

مكي.. رجل السلام والتنمية!   (2 ـ 3)

عبدالوهاب الروحاني

(علاقتي بالدكتور مكي)

في النصف الثاني من عقد الثمانينيات بدأت معرفتي بالدكتور مكي من خلال ترددي على المجلس اليمني للسلم والتضامن، المجلس الذي ارتبط باسمه منذ إنشائه في العام 1966، كما ارتبط بأنشطة وفعاليات لها علاقة بالأمن القومي وعلاقات اليمن الخارجية، وكنت أحرص على حضورها ومتابعتها؛ عرفته هادئًا في تعامله.. مستمعًا جيدًا، ذا تفكير عميق، يبتسم حينما يكون للابتسام معنى وهدف.

موقف بسيط وتّر علاقتي مع الدكتور حسن وحسّنها في نفس الوقت؛ كان ذلك بسبب لقطة صغيرة نشرت في الصفحة الأخيرة من "صحيفة 22 مايو"، التي كنت أرأسها، مفادها أن "الدولة تنفق جل ميزانياتها لسفر المسؤولين والاطمئنان على نبض قلوبهم، بينما قلوب الملايين تقطر دمًا وتتفطر مرضًا وجوعًا وألمًا"، نُشرت اللقطة ضمن لقطات في عمود أسبوعي ساخر بعنوان (قالوا وقلنا).

كان العمود مُخصصًا في الغالب لانتقاد شخصيات نافذة في الدولة، اعتمادًا على وثائق رسمية كانت تتسرب إلى الصحيفة، ولأن الدكتور مكي كان على إثر عودته من رحلة علاجية إلى خارج الوطن في صيف 92م، ظن — وهو كثير الظن — أنه المقصود بما كتب في الصحيفة، فاشتكى للرئيس، الذي استدعاني لرؤيته في اليوم التالي، وجدته منشغلًا في بهو دار الرئاسة مع مجموعة من القادة العسكريين، كان بينهم علي محسن، وعلي السياني (مدير الاستخبارات العسكرية) وآخرين.. كانت مؤشرات توتر تلوح بين شريكي الوحدة (المؤتمر والاشتراكي).

قال بعد أن سلمت عليه:

  • حسن مكي يشتكي منك يا عبد الوهاب، أيش كتبت عليه في الصحيفة؟!

  قلت:

  - لا أتذكر أخي الرئيس أننا كتبنا شيئًا مسيئًا عن الدكتور حسن، وكانت الصحيفة قريبة منه، فأشار إلى ما كُتبَ، وقال:

  • النقد مطلوب، لكن التحري مطلوب أيضًا، ثم خفف الحدة، وأتواصل مع مكي، الرجال "يشك في أرجله".. ولا تنسى أنك رئيس تحرير صحيفة تنظيمية.

 

كان واضحًا أن الرئيس يوجه بالتخفيف من حدة النقد ضد قيادات المؤتمر، وأن مكي يشك في أن التسريب ضده خرج من الرئاسة.. وجددت التواصل مع الدكتور حسن، رغم أني كنت على تواصل مستمر معه.

كنت بين وقت وآخر أطلب منه الكتابة لزاوية "آفاق" في الصفحة الأخيرة من الصحيفة، التي كنا نستضيف للكتابة فيها كتابًا كبارًا وشخصيات سياسية وفكرية مهمة مثل: محمد الزرقة، ودكتور مكي، ومحمد سالم باسندوه، وعبد الله أحمد غانم، وعبدالسلام العنسي، وعبدالله البار، وآخرين. ووصلت العلاقة مع الرجل حد الثقة، فحين طلبت منه ذات أسبوع أن يكتب "آفاق" وتأخر الرد اتصلت به، فاعتذر وقال، "اكتب باسمي ما تراه وأنا موافق عليه".

على ما أذكر أنني كتبت عن "أهمية السلام والاستقرار للوحدة والتنمية" وكان عام 1993 عام مشاحنات بين شريكي الوحدة (المؤتمر والاشتراكي)، فاتصل في اليوم التالي، وشكرني على ما كتبته بتوقيعه، وقال "كتبت باسمي ما يوافق تفكيري".

 

آخر الأخبار