نحن شعب تحكمه العواطف، وتسيطر عليه الدهشة، يتفاعل مع ظروف اللحظة، ويصفق لآخر صوت.. شعب طيب وبسيط حكمتنا امرأة بحكمة فاستقمنا، وخرب سدنا فأر فهربنا و"تفرقت أيدي سبأ".
واليوم نكرر المأساة بعد أن بدأنا نتنفس وحدة وشيئا مما يتنفسه الآخرون، لكن ما إن بدأنا نفكر بعقلية العصر انتكسنا.. نحن شعب نحمل ذاكرة مخرومة، لا نستخدم عقولنا ولا نتعلم من الدروس، ولا نحفظ المواقف.
مؤسف ما يجري في بلدنا، التي نسميها عبثا "بلد الايمان والحكمة" نحن دوما نتقاتل ثم نبحث عن منقذ ومخلص، لكن ممن يا ترى؟! طبعا ممن يمولون اقتتالنا، ويعبثون بوطننا.
ساحتنا اليمنية اليوم اصبحت مفرغة من رجالاتها ممتلئة بحضور غريب، لا وجود فيها لسيادة يمنية ولا جيش وطني.. ولعل ذلك أمر طبيعي في ظل ارتهان بلغ مداه، إذ لا كرامة لوطن سلم أبناؤه قراره لغريب.
وهنا تعالوا أعيدكم إلى زمن ليس ببعيد، وأذكركم بمواقف لا تنسى ممن نشكو منهم ونشكو إليهم .. هم من وضعت النخبة المعاصرة سيوفهم على رقابنا.
الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قال في أول قمة خليجية عقدت بعد غزو العراق للكويت؛ "لن يهدأ لي بال حتى أرى اليمن الموحد يعود إلى ما كان عليه قبل 1990، ويصبح دولتين وأكثر".
ثم، ليس مهما أن تتذكروا يوم اقتحمت قوات الانتقالي معاشيق في زمن هادي، ويوم سيطرت على مطار عدن، ومنعت بتوجيهات إماراتية هبوط طائرة الرئيس هادي فيه، ومنعت رئيس وأعضاء الحكومة من العودة إلى عدن؟!
وليس مهمًا أيضا أن اذكركم بضرب الطائرات الإماراتية للجيش الوطني على مشارف عدن، لكن المهم أن أذكركم بما قاله مستشار محمد بن زايد (عبد الخالق عبدالله) في اليوم التالي لاجتياح قوات الانتقالي لحضرموت وهو يدعو دول الخليج العربي إلى الاعتراف بما سماه "الجنوب العربي" كدولة شرعية مستقلة في جنوب اليمن، واعتبارها "حليفاً صادقاً وخصماً عنيداً للقاعدة والإخوان والحوثي"..!!!
أما "شقيقتنا الكبرى" السعودية فبالتأكيد لن ينسى اليمنيون محاولتها تقويض الوحدة، ودورها المعلن واللا محدود للاحتراب والتقسيم في صيف 1994؟!، وكيف تحركت عربيا وإقليميًا ودوليا لدعم الانفصال والاعتراف بدولته.
ولعلكم رأيتم محمد عبيد القحطاني وهو يتجول في مدن وقرى حضرموت كحاكم فعلي فيها، وليس كوسيط كما تقدمه السعودية. ثم أي وسيط هذا؟! وبين من ومن يتوسط، بين الحضارم وأبناء الضالع ويافع، وردفان؟!، هو لا يتوسط لانسحاب قوات الانتقالي لصالح قوات الشرعية "المنفلتة"، بل يتوسط ويفاوض لتنسحب قوات الانتقالي المدعومة والممولة إماراتيًا لصالح قوات درع الوطن الموالية بناء وتنظيما وولاء للسعودية .
وإذاً، فالسعودية والإمارات وجهان لعبث واحد في اليمن، وهيمنة واطماع واحدة، ورؤية واحدة، نعم ربما مختلفين، لكنهم يختلفون على كيف يتقاسموا الحصص على دماء واشلاء اليمنيين، وليس لمصلحة الدولة اليمنية والحفاظ على وحدته.
هذه هي السعودية وهذه هي الإمارات.. الدولتان اللتان تعبثان باليمن وبوحدته، ولا يريدان له دولة، ولا جيش ولا استقرار، يريدانه ساحة فوضى يتحكمان باللعبة فيه بأموال مدنسة، وبأدوات خربة مريضة وفاسدة.
وهذه هي القصة وحتى لا نظل بذاكرة مخرومة علينا أن نتذكر.