بحث

حقيقة معركة حضرموت… ومن المتهم بالخيانة؟

محمد ناصر عجلان

 

حقيقة معركة حضرموت… ومن المتهم بالخيانة؟


بقلم / محمد ناصر


تتناقل وسائل الإعلام ومنصّات التواصل خلال الأيام الماضية روايات متباينة حول ما حدث في وادي حضرموت، وتحديداً بشأن ما يُشاع عن “سقوط المنطقة العسكرية الأولى” وسيطرة قوات المجلس الانتقالي عليها. كل طرف صاغ حكايته بما يتوافق مع توجهه وانتمائه، ما جعل المشهد ضبابياً لدى المتابعين.

ما الذي حدث فعلاً؟

شهدت حضرموت حشداً واسعاً للقوات العسكرية والقبلية التي دفع بها المجلس الانتقالي إلى المحافظة، وجرى ذلك — وفق المعطيات — بموافقة من أطراف في التحالف. ورغم أن الهدف المعلن كان مواجهة الشيخ عمرو بن حبريش، رئيس حلف قبائل حضرموت، إلا أن حجم القوات المتدفقة ووتيرة التحرك أوحت بأن الهدف الفعلي قد يتجاوز هذا العنوان.

وخلال تلك الساعات، تلقّت قيادة المنطقة العسكرية الأولى توجيهات بالانتشار، وهو ما تم بالفعل. وحتى مساء 2 ديسمبر، لم يتمكن الانتقالي من السيطرة على أي موقع داخل نطاق انتشار المنطقة، رغم الزخم الإعلامي الذي روّج لقرب “الحسم”، حتى أن المحافظ الجديد سالم الخنبشي ظهر عبر القناة الرسمية معلناً عن “انفراجة وشيكة”.

بالتوازي، كانت الاتصالات مستمرة بين قيادة المنطقة ومسؤولين في شرورة، الذين أكدوا بدورهم أن الحل السياسي في طريقه إلى الاكتمال، مطالبين بالانتظار لحين وصول التوجيهات.

التحوّل المفاجئ

مع فجر الأربعاء 3 ديسمبر، صدرت الأوامر المباشرة إلى قيادة المنطقة العسكرية الأولى بالتسليم وعدم المواجهة. وعلى إثر ذلك، وجّهت القيادات أوامرها إلى الألوية بعدم الاشتباك. ولتفادي ظهور المشهد وكأنه عملية “استلام وتسليم” رسمية، جرى السماح للانتقالي بالهجوم من عدة محاور، حتى مع سقوط قتلى وجرحى وأسرى، في مشهد كان الهدف منه — وفق مصادر — إبعاد الشبهة عن أطراف بعينها، وإظهار الأمر وكأنه معركة ميدانية كاملة.

النتيجة كانت واضحة: تحمّلت قيادة المنطقة العسكرية الأولى عبء المشهد أمام الرأي العام، وتعرّضت لانتقادات حادة، فيما بدت عملية الانسحاب — أو التسليم — وكأنها “تقصير أو تخاذل”، بينما هي في الحقيقة نتيجة أوامر مباشرة لا يمكن مخالفتها.

كلفة المعركة

ثلاثة قتلى فقط من المهاجمين مقابل أكثر من خمسين شهيداً من جنود المنطقة العسكرية الأولى. سقط من قاوم حتى اللحظة الأخيرة دفاعاً عن أرضه وقسمه العسكري، وجُرح من بقي صامداً، بينما اضطر الآخرون للانسحاب بعد أن حاصرتهم الهجمات من كل الاتجاهات، في وقت لم تصدر لهم أي أوامر تخوّلهم بالقتال أو حتى بالانسحاب المنظّم.

خاتمة

معركة حضرموت لم تكن مجرد اشتباك عابر، بل حدث مفصلي تكشّفت فيه قرارات عليا، وتداخلت فيه الحسابات الإقليمية والمحلية، فيما دفع الجنود ثمن “المشهد” الذي رُسم مسبقاً على طاولة السياسة.

آخر الأخبار