من شأن الحكومات في البلدان التي يحترم المسئولون فيها أنفسهم أن تعكف على معالجة هموم المجتمع وقضايا المواطنين، لتصبح أولوية في أنشطتها، ويصبح المواطن هو أولًا وثانيًا وثالثًا.
في ضوء هذا المفهوم فقط تصوغ الحكومات برامجها وتحيي أنشطتها على المستويين الداخل والخارجي. وهي - إذا ما عملت عليه - تثبت أولًا صحة سرديتها التي ترددها عبر وسائل إعلامها بأنها تمثل الشعب لا تمثل به، وتعمل من أجله لا ضده وضد مصالحه.
الحكومة -أي حكومة- بيدها وحدها أن تثبت أنها من الشعب وإليه إذا ما اتبعت خطوات سهلة وغير مكلفة، أهمها برأيي:
* تأمين حياة الناس في بيوتهم، وصون أعراضهم وحماية حقوقهم.
* حماية المواطنين من التعسفات غير القانونية في أعمالهم ومناشط حياتهم اليومية، وإدماجهم في العملية التنموية من خلال ضمان حقهم في الكسب الشريف.
* صرف مرتبات موظفي الدولة بكونها حقوق دستورية واجبة الوفاء على الدولة في كل الظروف والأحوال.
* كفالة حق حرية الرأي والتعبير للمواطنين، حتى يكونون عونًا لها في تلافي الأخطاء والتجاوزات، التي يحدثها المسئولون الفاسدون وما أكثرهم في بلداننا.
أمنية:
كنا نتمنى أن تكون لبلادنا حكومة واحدة وقيادة واحدة، وبرامج وطنية موحدة، لكنهم -أعني الزعماء والقادة المعاصرين- طالما وقد استمرأوا التشرذم والانقسام، وألفوا التجارة بالقطاعي أو التجزئة، فندعوهم إلى التنافس كل في ساحته لتمثيل الناس وخدمة مصالحهم، ولعل أبسط مجال للتنافس هو خدمة الناس، وتحسس أوضاعهم المعيشية.
نقول ذلك لأن الطامحين في الاستمرار في السلطة يسعون عادة لأمرين:
الاول: إحكام السيطرة على المقدرات الوطنية تحت أيديهم.
الثاني: استمالة حب الناس ومودتهم.
وبإمكانهم امتلاك الأولى بقوة الحديد والنار، أما الثانية فلن تأت إلا بقدر ما يقدمون للناس والمجتمع من خدمات.
من هنا، لا نريد من مسؤولينا الموزعين على مناطق نفوذ هنا وهناك، أن يَعدوا الناس برخاء اقتصادي، وحياة هانئة، ومواصلات مجانية، وتوفير خدمة صحية مجانية، ولا مدارس عامة بدون رسوم عادلة، ولا إعفاء ضريبي وجمركي لمحدودي الدخل، ما نريده فقط هو منع أذى حكوماتهم عن الناس:
* لا تلاحقوا المواطن في لقمة عيشه ورزق أطفاله.
* امنعوا "المتهبشين" من التقفز فوق عباد الله في الأسواق وبسطات الشوارع والدكاكين.
* أوقفوا فرض الرسوم غير القانونية على المواطنين، التي تفرض بمناسبة وبدون بمناسبة.
أما الطريق الأسهل والأيسر لحكامنا وللوطن والمواطن لتجاوز كل هذه المحن، وهذا التدمير والضياع هو البحث عن السلام، والعودة لبناء الدولة عبر وقف الحرب واللاحرب، التي أهلكت الحرث والنسل، وبرأيي قد تربح تجارها بما يكفيهم ويكفي أحفاد أحفادهم.
أقولها نصيحة لله، وصدقوني الوطن أبقى.. والعاقبة للمتقين.