بحث

فاتورة الحرب.. وخيارات السلام..!

عبدالوهاب الروحاني

لن أتحدث عن الفاتورة المادية للحرب لأن الحرب قد دمرت الإنسان والمؤسسة والدولة. لم يعد عندنا مطارات، ولا مدن آمنة، ولا موانئ صالحة، ولا أبراج، ولا بنية تحتية ولا خدمات.

فاتورة الحرب الباهظة والمكلفة هي في؛

ـ نزيف الدم اليمني الذي لم يتوقف.

ـ هي في النزيف المخيف لقيم وأخلاق وعادات المجتمع النبيلة.

ـ الفاتورة المكلفة للحرب هي في فقدان الهوية الوطنية وغياب الشعور بالانتماء الوطني.

منذ حوالي 15 عامًا واليمن ينزف ويدمر كل لحظة وكل ساعة، ونحن للأسف لا نتفرج فقط بل نختلف على من يتزعم الفوضى والانفلات، ونشعل الحرائق لأحقاد ومصالح ضيقة، ليست من الوطن ولا من استعادة الدولة والنظام في شيء.

خمسة عشر عامًا نهتف لسقوط النظام وتدمير الارض والانسان وفعلنا.. لكننا لا نزال لا ندري لماذا أسقطنا النظام..؟!

ـ استبدلنا الدولة والنظام بالعصابات والجيش بالمليشيات.

ـ استبدلنا الوطن الواحد بكانتونات وضيع صغيرة مقسمة، والعلم الواحد والشعار الواحد بأعلام وشعارات ملونة وممزقة.

ـ استبدلنا الفساد المستتر والمنضبط بالفساد المعلن والمكشوف وبالهنجمة وقوة السلاح.

ـ استبدلنا الأمن بالخوف والتعليم بالجهالة، وحمل الكتاب بالبندقية والمدرسة بالجبهة.

هذا هو الحال، لكن السؤال: ما هو الحل؟! الحل لا يمكن أن يكون أمنيًا بالمدفع والطائرة والنار، فلن ينتصر أحد على أحد، وقد جربوا عشر سنوات من الحرب ولم ينتصروا.. بمعنى أن الحل لن يكون إلا بمشروع وطني جامع يلتف حوله الجميع.. ويأكلوا جميعًا من جفنة واحدة.. ويسرقوا إن أرادوا بنظام.

أثبتت الأيام أنه لا يمكن لحزب أو جماعة أيديولوجية فكرية، أو عقدية دينية أن تحكم اليمن بمذهب أو بفكر مخالف لتركيبة كامل النسيج الاجتماعي الوطني.

ذلك لأن اليمن مجتمع بهوية وطنية واحدة لكنه متنوع الثقافة والهوى، بمعنى أنه بحاجة إلى دولة مدنية يحكمها النظام والقانون، ويجب أن يكون الصندوق هو الفيصل وخيار المختلفين، وهو من يحدد من يحكم اليوم ومن يحكم غدا.

اليمن وطن كبير، يجب أن يتسع للجميع، ولا يمكن أن يكون لفئة دون فئة، ولا لجماعة دون جماعة، ولا لقبيلة أو منطقة دون أخرى.

ولا يمكن لأي منها أن تنفرد بالسلطة دون غيرها.. قد يتحقق ذلك بالحديد والنار، لكن الحديد والنار يأكل بعضه وأسرع ما يتحول إلى رماد.

لا نريد ممن يمسكوا بخناق الوطن اليوم إلا أن يحكموا بقبول الناس ومحبتهم لا بالحديد والنار.. ومن هنا فحل المشكلة اليمنية لا يمكن أن يكون إلا بالسلام.. ومن لم ينتصر في الحرب فهو معني بالبحث عن طريق السلام.

آخر الأخبار