لا نطرب لسبتمبر اعتباطًا، ولا نبتسم ليومه ترفًا.
لأننا في ظرف ومكان لا يسمح لنا بالابتسام، ولا إمكانية فيه للترف وإقامة الأعراس والاحتفالات الباذخة لأجله.
ذلك لأن الناس مشغولون بالبحث عن لقمة عيش أطفالهم والتجديف لالتقاط الأنفاس وإنقاذ ما تبقى من حياة.
من هنا، عندما نطرب ونغني لسبتمبر، إنما نطرب بوجداننا، ونغني بمشاعرنا لنحاول أن نفيه حقه.. وذلك ليس بكثير على أي يمني يعشق الحرية والأمان.
في سبتمبر نستلهم الحروف ونصوغ الكلمات لنمجد يومه ونحيي ذكراه، لأنه فعل لنا الكثير رغم الأمراض التي نخرت في عوده، والنتوءات التي علقت ببعض مخلفات الزمن العتيق.
* تجاوز اليمنيون بسبتمبر تاريخًا من ظلام لم يسبقهم إليه بشر.
وبفضله كسر اليمنيون الأبواب المغلقة، وانفتحوا على عالمٍ وعصرٍ هو عالمهم وعصرهم، لكنهم لم يكونوا يدركونه.
* سبتمبر جلب معه لليمنيين الحرية والأمان.. ومنع التمييز وألغى الفوارق، وساوى بين الناس.
* قنن الحياة.. بعد أن كان كل شيء فيها مرهونا بكلمة من إمام حاكم فرد يعتبر نفسه وكيلا لله في أرضه وسماه..
* منع سبتمبر إذلال الناس وتركيعهم ومصادرة وجباية أموالهم بالباطل.. وكسر القيود التي كانت تكبل حركة المواطن وتمنع إنتاجه وتفوقه وإبداعه.
* بفضل سبتمبر فتحت المدارس (وظلت الكتاتيب لمن أراد)، وتعلم الصغير والكبير.. تعلمت المرأة التي كان تعليمها عند "القبيلي" جريمة شرف، وخرقا للعادة، وتفريطا بالشهامة والكرامة، وخروجا على العادات والتقاليد..!!
* في ظل سبتمبر تعلمنا وتعلم شبابنا، وتجاوزنا الاعتماد على أطباء ومهندسين روس، وصينيين، وطليان، وفرنسيين، وإنجليز، وصار منا الطبيب والمهندس، والطيار، وعالم الآثار، والذرة، والنانو.
* بدلًا عن الطبيبة الفرنسية كلودي فايان، والطبيب الانجليزي وليام، صار لنا أطباؤنا؛ أروى، وعدنان، وعبد الكريم في صنعاء، وسالم العرابي ويونس أنيس في عدن، وشاهر سعيد في تعز، ويحيى فتيني، وشوعي حزام في الحديدة وحجة. وبدلًا عن الروسي إيفان جين والإيطالي ماريو أصبح لدينا آلاف الأطباء والطيارين والمهندسين والآثاريين.
* انفتحنا على العالم وتشاركنا معه الحدث والفكرة.. وأصبحنا بفضل سبتمبر نتحدث لغة العصر.. ونزاحم في هذا العالم الواسع لنكون جزءا من حركته وتفاعلاته..
تلك كانت نقاط الإضاءة ومشاعل التنوير التي حملتها ثورتنا اليمنية (سبتمبر/أكتوبر)، التي كلما مر بنا طيفها نقف إجلالًا لعظمة رجالها ولعظيم تاريخها وجميل صنعها.
حينما نرى البسطاء من أبناء شعبنا متعلمين وعلى وعي بالحياة وتفاعلاتها.. نحمد الله على سبتمبر الفكرة والمنهج ومشاعل التنوير فيه.
كل عام وسبتمبر حيا يعيش بيننا،
كل سبتمبر وشعبنا بسلام..
بلا حرب ولا نار ولا دخان.
كل سبتمبر وأنتم تصفقون لسبتمبر.
وكل عام وأنتم جمهوريون.