خارج المدارس وفي قلب المخاطر: تقرير جديد يسلط الضوء على أصوات أطفال المهمشين في اليمن
عدن((بحرالعرب)) خاص:
أصدر الاتحاد الوطني لتنمية الفقراء (NUDP) اليوم تقريرًا جديدًا يكشف التأثير المدمر للفقر والتمييز والنزوح على حياة أطفال المهمشين في اليمن، الذين يُحرم الكثير منهم من التعليم ويجبرون على أعمال خطرة لتأمين لقمة العيش.
يعتمد هذا التقرير على قصص حقيقية من الأطفال أنفسهم، حيث تسلط هذه الشهادات الضوء على المعاناة اليومية التي لا تعكسها الإحصائيات، بل تعطي وجهًا إنسانيًا لتجارب أطفال مهمشين يسعون وراء التعليم والحياة الكريمة رغم الصعاب.
يحمل التقرير عنوان “خارج المدارس وفي قلب المخاطر: أصوات أطفال المهمشين”، ويجمع شهادات مباشرة لأطفال يواجهون الإقصاء والإذلال والخطر بشكل يومي لمجرد هويتهم وظروفهم. ورغم أن الصراع المستمر منذ عقد في اليمن قد أثر على جميع اليمنيين، إلا أن المهمشين – الذين يُطلق عليهم غالبًا وصف “الأخدام” بازدراء – يظلون من بين الفئات الأكثر تهميشًا وتعرضًا للمخاطر.
“نحن نعمل لأننا مضطرون. نريد أن نذهب إلى المدرسة، لكن لا خيار لدينا”، تقول لَمى وأمل، شقيقتان صغيرتان في محافظة لحج، تبحثان عن الخردة وسط مخلفات الحرب لمساعدة أسرتهما.
ويشير التقرير إلى أن أطفال المهمشين معرضون لخطر التسرب من المدارس بمعدل ثلاثة أضعاف مقارنةً بأقرانهم، حيث يُقدّر أن 98% منهم لا يكملون التعليم الابتدائي. كما تزيد التمييز والعقبات الإدارية والنزوح القسري والعادات الاجتماعية الضارة – خصوصًا تلك المتعلقة بدور الفتيات – من حدة تهميشهم.
وبالنسبة للفتيات، غالبًا ما يُستبدل التعليم بالزواج المبكر. تقول غادة (18 عامًا) من الضالع: “يقول الناس إن الفتاة إذا تعلمت القراءة والكتابة فهذا أكثر من كافٍ”. ومع ذلك، تحدت غادة هذه الصعوبات وأكملت دراستها الثانوية، وتحلم بأن تصبح قابلة.
كما يعرض التقرير أيضًا نماذج للأمل والصمود. فالأطفال مثل خليل (16 عامًا) يطالبون بالتغيير. يقول خليل: “التعليم هو الطريق الوحيد لتغيير نظرة الناس إلينا. إذا تمكن أطفال المهمشين من أن يصبحوا معلمين وأطباء ومحامين، فسيتعين على الناس احترامنا.”
يدعو الاتحاد الوطني لتنمية الفقراء السلطات المحلية والجهات المانحة والإنسانية إلى إعطاء أولوية لحقوق أطفال المهمشين وتذليل العقبات الي يواجهونها في سبيل التعليم ومخاطر الحماية المترتبة على تسربهم من التعليم ومنها:
ضمان وصول الأطفال المهمشين إلى تعليم شامل وآمن
إصلاح إجراءات التوثيق المدني لمنع حرمانهم من الالتحاق بالمدارس
توسيع برامج الدعم المالي وخيارات التعليم المرنة للأطفال النازحين
تعزيز خدمات حماية الطفل لمنع تعرضهم لأعمال خطرة
إطلاق حوارات مجتمعية وحملات توعية لمكافحة التمييز
تقول فاطمة (18 عامًا)، التي تعلم عشرات الأطفال والأمهات في قريتها: “بالنسبة لأطفال المهمشين، التعليم درع للأطفال المهمشين.”
يقول صلاح دبوان، الأمين العام للاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقراً:
“تُعد قضية تعليم الأطفال المهمشين من أولوياتنا القصوى، فهؤلاء الأطفال يعانون من الفقر الشديد, التهميش والتمييز المستمر الذي يحرمهم من حقهم الأساسي في التعليم. كثير منهم يُجبرون على العمل في الشوارع، مثل جمع الخردة والتنظيف والتسول، مما يعرضهم لمخاطر جسدية واستغلال يومي.
نحن ملتزمون بالعمل مع الشركاء لضمان أن يتمتع كل طفل في اليمن بفرصة عادلة للتعلم وبناء مستقبل أفضل له ولأسرته.”
هذا التقرير هو نتاج جهد لتعزيز القدرات في مجال المناصرة قامت به منظمة رعاية الطفل الدولية، ممول من قبل الإتحاد الأوروبي.
الاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقراً (NUDP) هو منظمة مدنية تطوعية تأسست عام 2007 من قبل أكثر من خمسين منظمة مجتمع مدني لتمثيل المهمشين في اليمن. يعمل الاتحاد على مكافحة التمييز وتعزيز المواطنة المتساوية، ويهدف إلى مجتمع يتمتع فيه جميع الأفراد بالرفاهية الاجتماعية دون حواجز طبقية. وتتركز مهمته على تمكين الفئات المهمشة من المطالبة بحقوقهم والمشاركة الكاملة في الحياة العامة واتخاذ القرار.