وفاة طفل على يد قارئ رقية شرعية للعلاج من السحر
إب((بحرالعرب)) خاص:
توفي فتى قاصر متأثراً بجراحٍ بالغة تعرّض لها خلال جلسة "رقية شرعية" في أحد المنازل بمدينة إب، وسط اليمن، في حادثة جديدة تسلط الضوء على تصاعد الانتهاكات التي ترتكبها مراكز علاج غير مرخصة تمارس الدجل والشعوذة تحت غطاء الدين، وسط غياب شبه تام للرقابة من الجهات المختصة.
وأفادت مصادر محلية بأن الفتى "علي محمد آل قاسم" (17 عامًا) فارق الحياة بعد تعرضه للضرب المبرح والخنق من قِبل أحد مدّعي العلاج بالقرآن، ويدعى "نبيل. ح"، الذي زعم أنه يعالج الضحية من "السحر ومسّ الجن".
وأشارت المصادر إلى أن الجلسة التي خضع لها الفتى كانت عنيفة وغير إنسانية، وجرى خلالها تقييده وضربه بشكل وحشي بحجة إخراج "الجن المتلبس"، ما أدى إلى فقدانه الوعي ثم وفاته لاحقاً.
وأثارت الحادثة سخطاً واسعاً في أوساط الأهالي، الذين عبّروا عن قلقهم من تزايد عدد عيادات الرقية التي تعمل خارج الأطر الطبية والقانونية، وتستغل معاناة المواطنين لابتزازهم ماديًّا ونفسيًّا، في ظل تقاعس سلطات الأمر الواقع عن اتخاذ إجراءات رادعة تجاه هذه المراكز.
الواقعة أعادت إلى الأذهان سلسلة من الحوادث المشابهة التي شهدتها محافظة إب خلال السنوات الأخيرة، والتي انتهت بمصرع عدد من المواطنين، بينهم نساء وشباب، خلال جلسات علاجية نفذها "رقاة" يزعمون قدرتهم على معالجة السحر والمسّ.
في نوفمبر 2020، توفي المواطن "عيسى منصور علي مهدي" بعد تعرّضه لتعذيب شديد على يد اثنين من الرقاة، هما "صالح أ.م" و"أكرم م.ز"، حيث تعرّض للضرب والخنق بدعوى "إخراج الجن"، قبل أن يفارق الحياة بعد أيام من الواقعة.
وفي حادثة مشابهة، توفيت فتاة شابة تُدعى "م. ع. أ"، كانت عروسًا جديدة، داخل إحدى عيادات الرقية بشارع تعز في إب، بعدما أُجبرت على شرب "خلطة شعبية" داخل عبوة مياه، رغم إبلاغها القائمين على العيادة بأنها تعاني من ألم ومضاعفات شديدة. وبحسب شهود، تجاهل المعالج استغاثاتها، ما تسبب بوفاتها.
كما شهد شهر يونيو من العام نفسه وفاة الشاب "أسامة يحيى الحوشبي"، الذي لقي حتفه على الفور إثر تعرّضه لصعق كهربائي خلال جلسة علاج لدى راقٍ يُدعى "عرفات. ج" في مدينة النادرة شرقي إب، بذريعة إخراج الجن باستخدام الكهرباء.
تتضمن "جلسات الرقية" التي يدّعي بعض الرقاة أنها دينية، ممارسات عنيفة وغير علمية، تشمل الضرب المبرح، والخنق، والصعق بالكهرباء، إضافة إلى إجبار المرضى على تناول خلطات عشبية أو سوائل يزعم أنها "مقروء عليها"، دون أي إشراف طبي أو رقابة صحية.
ويحذر مختصون من خطورة هذه الممارسات التي لا تمت بصلة للطب أو الشريعة الإسلامية، ويصفها بعضهم بأنها "تعذيب ممنهج" يُمارس باسم الدين، في ظل فراغ تشريعي ورقابي يسمح لهؤلاء بمواصلة أنشطتهم دون محاسبة.
ورغم تكرار الحوادث القاتلة المرتبطة بما يُعرف بـ"الرقية الشرعية"، لا تزال السلطات المحلية في إب تتجاهل تنامي هذه الظاهرة، ولم تُسجل أي تحركات حقيقية لإغلاق المراكز غير المرخصة أو مساءلة المتورطين في الانتهاكات.