بحث

لودريان في زيارة لبيروت.. مؤتمران لإعادة الإعمار ودعم الجيش

الخميس 11/سبتمبر/2025 - الساعة: 10:18 ص

بحرالعرب_متابعات:

 

في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا واحدة من أعقد أزماتها السياسية بعد السقوط التاريخي لحكومة فرانسوا بايرو، يستعد الموفد الخاص للرئيس إيمانويل ماكرون، جان إيف لودريان، لزيارة بيروت الخميس 11 سبتمبر 2025.

 

وتأتي الزيارة في لحظة حساسة بالنسبة لباريس، التي تبحث عن استعادة حضورها في رسم التوازنات اللبنانية والإقليمية، وفي وقت يواجه ماكرون نفسه تحديات داخلية تهدد استقرار حكمه. 

 

وأجبر فشل بايرو في نيل ثقة البرلمان على الاستقالة، واضعا الرئيس أمام مفترق طرق تتراوح خياراته بين حلّ الجمعية الوطنية، أو حتى استقالته شخصيا، وصولا إلى تعيين رئيس وزراء جديد من اليسار أو من قلب الكتلة الوسطية.

 

لودريان، الذي يرافقه المستشار الاقتصادي للرئاسة الفرنسية جاك دو لاجوغي، يصل إلى بيروت محمّلا بملفين رئيسين: التحضير لمؤتمر دولي حول إعادة إعمار لبنان، وآخر لدعم الجيش اللبناني.

 

كما سيتابع الموفد الفرنسي مسألة تجديد ولاية قوات "اليونيفيل"، التي مُدّدت حتى نهاية 2026 كآخر تمديد قبل انسحابها من جنوبي لبنان، إضافة إلى التطورات المرتبطة بقرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح ميليشيا حزب الله قبل نهاية العام، وهو القرار المستند إلى مقترح أمريكي يرفضه الحزب وحلفاؤه.

 

وسائل إعلام لبنانية أشارت إلى أن زيارة لودريان ستستمر يومين، وأن لقاءاته ستقتصر على الرئاسات الثلاث: رئيس الجمهورية جوزيف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، إضافة إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل وقائد القوة الفرنسية في "اليونيفيل".

 

في موازاة هذه التحركات، أعلن وزير الخارجية اللبناني جو راجي أن نظيره الفرنسي جان نوال بارو أبلغه بنيّة الرئيس ماكرون عقد مؤتمرين لصالح لبنان: "الأول لدعم الجيش اللبناني، والثاني مخصص لإعادة الإعمار والإنعاش الاقتصادي، حين تتوافر الظروف المناسبة".

 

بارو أكد أن باريس "مستعدة لمواكبة السلطات اللبنانية في تنفيذ التزاماتها ودعم القوات المسلحة"، مشيرا إلى ترحيب فرنسا بخطة الجيش الهادفة إلى تكريس حصر السلاح بيد الدولة، كما شكر وزير الخارجية اللبناني فرنسا على جهودها في "تحقيق أفضل تمديد ممكن لولاية اليونيفيل"، التي مُدّدت حتى ديسمبر 2026 للمرة الأخيرة.

 

ويربط المجتمع الدولي والجهات المانحة تقديم أي دعم مالي للبنان بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومؤسساتية ملموسة، بما يشمل إحراز تقدم فعلي في مسألة السلاح، وصولًا إلى تفكيك ترسانة "حزب الله".

 

وكان قائد الجيش العماد رودولف هيكل عرض في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة خطة شاملة لنزع سلاح الميليشيات على الأراضي اللبنانية. لكن انسحاب الوزراء الشيعة الخمسة دفع الحكومة إلى الاكتفاء بـ"أخذ العلم" بالخطة دون تبنيها رسميا أو تحديد جدول زمني، في محاولة لتجنب استفزاز ثنائي "أمل وحزب الله".

 

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أنّ لبنان ينتظر من فرنسا أن تلعب دورا ضاغطا على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وتفعيل عمل لجنة الإشراف على وقف الأعمال العدائية التي تشارك فيها باريس، محذّرة من أنّ التأخير في ذلك يهدّد أمن لبنان واستقراره كما استقرار المنطقة ككل.

 

وفي تعليقه على الزيارة، قال وزير الاقتصاد اللبناني السابق، الدكتور آلان حكيمي لموقع "إرم نيوز"، إنّ باريس تتبنى بشكل واضح التطورات التي يشهدها لبنان بعد التغيير الحكومي. وأوضح أنّ موفد الرئيس الفرنسي يأتي حاملاً رسالة أساسية مفادها "ساعدونا كي نساعدكم"، في إشارة إلى أنّ دعم فرنسا للدولة اللبنانية مرتبط بمدى جدّية السلطات في تنفيذ قراراتها، لا سيما مسألة حصر السلاح، إلى جانب التنسيق مع واشنطن والرياض.

 

وأضاف حكيمي أنّ هذه الرسالة تحمل أبعادا سياسية واقتصادية متشابكة، فهي تؤكد دعم فرنسا للقرارات الأخيرة، خصوصا تجديد ولاية قوات "اليونيفيل"، إلى جانب التزامها بتقديم دعم عسكري وتقني شامل للجيش اللبناني. لكنه شدّد في الوقت نفسه على أنّ الملف الاقتصادي يشكّل أولوية قصوى بالنسبة للودريان، خاصة مع مكانة فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي ودورها كعضو فاعل في اللجنة الخماسية المكلّفة بالملف اللبناني.

 

وأشار الوزير السابق إلى أنّ نجاح زيارة لودريان على الصعيد الاقتصادي مشروط بتجاوب الدولة اللبنانية بشكل كامل، وبالحصول على دعم أمريكي وسعودي. واعتبر أنّ الحكومة مطالَبة بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، ولا سيما إعادة الانتظام المالي؛ ما يمهّد لانعقاد المؤتمر الاقتصادي المقرر في أكتوبر المقبل، الذي يُفترض أن يفتح الباب أمام استثمارات جديدة ودعم للقطاعات الحيوية، شرط توفير بيئة سياسية مستقرة وإصلاحية، وإظهار التزام حقيقي بمكافحة الفساد.

 

وشدد حكيمي على أنّ الدولة اللبنانية في حالة استنفار للتوصل إلى إصلاحات مالية وسياسية وعملية، بما يشمل تنفيذ خطة واضحة لحصر السلاح. ورأى أنّ إخفاق مهمة لودريان غير مطروح حاليا، لكون موقف الحكومة اللبنانية واضحا في سعيه للتوصل إلى حلول. 

 

وخلص إلى أنّ الزيارة الفرنسية "مدروسة ومهمة"؛ إذ تمهّد لوضع قواعد المؤتمر الاقتصادي المقبل، بشرط توافر عاملين أساسيين: جدية الدولة اللبنانية في الالتزام بالإصلاحات، والتنسيق الوثيق مع أصدقاء لبنان وفي مقدمتهم واشنطن والرياض.

متعلقات:

آخر الأخبار