اجتماع سوري إسرائيلي.. إسرائيل ترسم إطار الحوار بـ"النار"
بحرالعرب_متابعات:
قالت مصادر سورية خاصة، إن القصف الإسرائيلي الذي استهدف محيط مدن سورية عدة، بينها اللاذقية وحمص وتدمر، يتجاوز الطابع العسكري المباشر ليحمل رسائل سياسية وأمنية مرتبطة بالتوقيت الحساس؛ إذ جاء قبل لقاء وزاري مرتقب بين دمشق وتل أبيب هذا الأسبوع.
وأضافت المصادر أن الضربات لم تكن مجرد عملية ميدانية، بل محاولة لفرض إيقاع تفاوضي مسبق يكرّس حضور إسرائيل كطرف فاعل لا يمكن تجاهله في معادلات النفوذ داخل سوريا.
ورأت أن هذا التصعيد عبارة عن تحذير مزدوج، فهو من جهة يقيد خيارات الحكومة الانتقالية وحلفائها في تعزيز قدراتهم العسكرية، ومن جهة أخرى يضع خطوطاً حمراء أمام الوسطاء الإقليميين، لا سيما تركيا؛ ما يعكس استمرار مناخ عدم الثقة ويجعل مسار الحوار المقبل محفوفاً بالهواجس والاختبارات.
في هذا السياق، قال الكاتب والباحث السياسي أمجد إسماعيل الآغا، إن التصعيد والقصف الإسرائيلي الذي طال حمص واللاذقية وتدمر يحمل دلالات استراتيجية وسياسية عديدة تتجاوز مجرد العمل العسكري التقليدي، في التوقيت، لافتا إلى أن هذا التصعيد سبق لقاء وزاريا إسرائيليا مع النظام السوري، وهذا الأمر يحمل طابعاً تحذيرياً ورمزياً، يهدف إلى التأكيد على مكانة إسرائيل كقوة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها في معادلات ضبط النفوذ داخل سوريا.
وأضاف أن هذا القصف هو رسالة سياسية مشفرة تعبّر عن استمرار حالة عدم الثقة وتحفّظ عميق على أي تفاهم قد يؤدي إلى تعزيز قدرات النظام السوري، وإسرائيل تحاول بذلك بسط نفوذها على طاولة التفاوض، وتذكير دمشق والوسطاء وتحديداً تركيا بحدود قبولها لأي تحركات تقلص من مجال تأثيرها الأمني.
ومن الناحية الاستراتيجية، أوضح الآغا أن التصعيد الأخير يعكس رغبة إسرائيل في استباق أي محاولة للنظام أو حلفائه لتعزيز البنية العسكرية أو اللوجستية خاصة في ما يتعلق بالقدرات الصاروخية، كما أنه يعكس حالة توتر استراتيجية أوسع، وإسرائيل تحاول موازنة النفوذ في سوريا عبر عمليات عسكرية ورسائل سياسية.
ومن زاوية الحكومة الانتقالية، فإن القصف الإسرائيلي قبل اللقاء الوزاري قد يشكل اختباراً لمدى واقعية التهدئة السياسية وإمكانية بناء الثقة، سواء بين الجانبين أو الأطراف الدولية الضامنة، وبهذا فإن القصف يزعزع الاحتمالات ويكرس حالة التفاؤل الحذرة، ويؤشر إلى أن النزاع على الأرض لا يزال على حاله حتى داخل سياق الدبلوماسية القادمة؛ ما يضع دمشق أمام معادلة معقدة للتوازن بين قبول الحوار والضغط على الأرض.
بينما رأى الحقوقي والمحلل السياسي نضال هوري، أن التصريحات الأخيرة التي خرجت من إسرائيل تؤكد أن المعركة الدائرة هي مع تركيا التي لم تستوعب الدرس منذ تنفيذ الغارات السابقة على مطار التيفور العسكري في حمص ولا مطار حماة العسكري ومواقع أخرى.
وأشار أن إسرائيل ماضية إلى إعادة رسم المنطقة بعد حكم آل الأسد وفقاً لمخططاتها غير آبهة بمن يقبل أو يرفض، لذلك فإن العملية غير موجهة ضد سوريا بشكلها الحالي وإنما للتدخل التركي في سوريا، ورغم ضراوة القصف، إلا أنه ليس سوى رسائل نارية، تؤكد من خلالها أنها لن تنجر إلى حرب لكن لن تتوقف عن معالجة أي ملف يضر بها وبأمنها القومي.
وأوضح هوري، أن التصعيد الإسرائيلي يمكن فهمه على أنه تحرك سياسي وعسكري ذكي يعكس نفور إسرائيل من أي تقارب مع الحكومة الانتقالية إلا ضمن شروط وضوابط تحافظ على التفوق الأمني الإسرائيلي، مع رغبة في فرض أمر واقع يصعب تجاوزه خلال الاجتماع الوزاري المرتقب.
وأشار إلى أن التصعيد الإسرائيلي الأخير هو رسالة ردع وإعادة رسم للحدود الأمنية، حيث ما زالت اللعبة السياسية والأمنية في سوريا مرهونة بتوازن قوة متقلب يصعب حسمه.