خطوط سكك زامبيا تتحول إلى جبهة صراع المعادن
بحرالعرب_متابعات:
تبرز أفريقيا كجبهة جديدة في صراع المعادن الحيوية، حيث تدعم الولايات المتحدة واليابان والصين إنشاء ممرات سكك حديدية متنافسة من زامبيا إلى الساحل.
لا تزال الصين تهيمن على معالجة وتكرير 19 من المعادن الرئيسية من أصل 20 بحصة سوقية تبلغ نحو 70%.
أصبحت السيطرة على السكك الحديدية والموانئ الآن بمثابة رافعة إستراتيجية لتحديد الوجهة التي تتدفق إليها المعادن الأفريقية المهمّة في نهاية المطاف.
لقد نقلت الصين والغرب منافستهما لتأمين المعادن الأساسية إلى ساحة معركة جديدة ــ وسط وجنوب أفريقيا، حيث وصل السباق لتأمين الطرق الحيوية لنقل المعادن الأساسية إلى أسواق الطلب إلى ذروته.
تدعم الولايات المتحدة واليابان والصين ثلاثة ممرات سكك حديدية مختلفة في أفريقيا، حيث يتم استخراج جزء كبير من إمدادات النحاس والكوبالت العالمية.
ومع سعي الولايات المتحدة وحلفائها إلى تقليل اعتمادهم على الصين في إمدادات المعادن الأساسية، أصبحت هذه الممرات الثلاثة، التي تبدأ جميعها في زامبيا وتنتهي في موانئ التصدير الرئيسية، أساسيةً لتحديد من سيؤثر في اتجاه هذه الصادرات.
وفي نهاية العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن التزامها بتقديم قرض يصل إلى 553 مليون دولار لتطوير خط سكة حديد لوبيتو الأطلسي في أنغولا، قائلة: "من المتوقع أن يعمل المشروع على توسيع وحماية سلاسل توريد المعادن الحيوية، وزيادة قدرة النقل بالسكك الحديدية، وتقليص أوقات وتكاليف نقل البضائع".
من جانبها، ستستثمر الصين، من خلال شركة البناء والهندسة المدنية الصينية (CCECC)، أكثر من 1.4 مليار دولار في هيئة السكك الحديدية في تنزانيا وزامبيا (TAZARA) لتنشيط البنية التحتية للسكك الحديدية وعملياتها.
وأعلنت اليابان الشهر الماضي أنها ستدعم ممر ناكالا، وهو ممر دولي في جنوب شرق أفريقيا يربط دولتي زامبيا وملاوي غير الساحليتين بالمحيط الهندي عبر ميناء ناكالا في موزمبيق.
وقال شاه روخ واني، الخبير الاقتصادي في مركز النمو الدولي في كلية لندن للاقتصاد لصيحفة "ساوث تشاينا مورنينغ" إنه من خلال دعم السكك الحديدية والموانئ، تعمل البلدان على تأمين نفوذها الطويل الأجل على كيفية تدفق المعادن".
في الوقت الحالي، تفوز الصين بالسباق العالمي للحصول على المعادن الأساسية والمعادن النادرة؛ حيث تتمتع الصين بمكانة عالمية مهيمنة في مجال توريد المعادن الأساسية والمعادن النادرة، ولكن قبضتها على سلسلة القيمة ــ معالجة المعادن وإنتاج المغناطيس ــ أكثر إحكامًا.
وتمتلك الصين مكانة لا تُضاهى من حيث الحجم، بعد بناء قدراتها التكريرية على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفي بداية مسيرتها، أدركت بكين أن المنتجات المكررة - وليس المواد الخام - هي مفتاح الهيمنة الإستراتيجية والاقتصادية على المعادن الأساسية والمعادن النادرة.
في السياق، حذَّرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي الجديد بعنوان "توقعات المعادن الحرجة العالمية" من أن التركيز الشديد على إمدادات المعادن الحرجة في عدد قليل من البلدان وضوابط التصدير التي تفرضها الصين تزيد خطر حدوث "اضطرابات مؤلمة" في السوق.
ورغم الصفقات الكبرى والدعم الحكومي في الغرب لبناء سلاسل التوريد المحلية، فقد نجحت الصين في زيادة حصتها في السوق خلال السنوات القليلة الماضية.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية حتى عام 2024، كان النمو في إنتاج المواد المكررة مركّزًا بشكل كبير بين الموردين الرئيسيين، وتهيمن الصين على تكرير 19 من المعادن العشرين التي قامت الوكالة بتحليلها، بحصة سوقية متوسطة تبلغ نحو 70%.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن "ثلاثة أرباع هذه المعادن أظهرت تقلبات سعرية أكبر من النفط، ونصفها كان أكثر تقلبًا من الغاز الطبيعي"، مشيرة إلى أن مجالات الخطر الرئيسية تشمل التركيز العالي لسلسلة التوريد، وتقلب الأسعار، والاعتماد على المنتجات الثانوية.
الآن توسع سباق المعادن الحرجة من استخراج المواد الخام إلى السيطرة على طرق وصول المواد إلى الأسواق.
وتصبح ممرات السكك الحديدية والموانئ أدوات إستراتيجية لضمان من يحدد الوجهة النهائية للنحاس والكوبالت، ومن سيهيمن على الإمدادات المستقبلية.
وفي نفس السياق، يتحول الصراع حول المعادن الحيوية إلى مواجهة شاملة تشمل الإنتاج، والمعالجة، والبنية التحتية للنقل؛ ما يجعل أفريقيا محور النفوذ الجديد للصراعات الاقتصادية العالمية.