صراع الانتماءات تتصاعد.. ماهو دور العشائر في المعركة المقبلة بين دمشق و"قسد"؟
بحرالعرب_متابعات:
قالت مصادر سورية خاصة إن المنافسة تحتدم بين السلطات السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" على استمالة القبائل والعشائر العربية كلُّ إلى صفه، استعدادا لأي صدام قادم بين الطرفين. وأشارت المصادر إلى أن المؤشرات تدل على أن هذه المواجهة بين دمشق و"قسد" لم تعد بعيدة رغم كل المحاولات الأمريكية والفرنسية لدفعهما إلى تنفيذ اتفاق 10 آذار.
مصدر عشائري مطلع على طبيعة العلاقة بين العشائر وكل من طرفي التنافس، (السلطات السورية الجديدة، وقسد) قال لـ "بحرالعرب" إن دمشق تعمل على استمالة العشائر العربية لعلمها أنها يمكن أن تكون "أداة قوية بيدها في ظل محدودية قدرة قوات الأمن الجديدة على تغطية كامل الأراضي السورية"؛ ما يجعل من العشائر أداة حاسمة للحكومة لبسط نفوذها، مشيرا إلى أن الفراغ الأمني الكبير في البلاد، يدفع دمشق إلى خيار دعم العشائر وتقويتها.
مناصب حساسة
ويلفت المصدر الذي ينتمي إلى عشائر دير الزور، إلى أن دمشق اعتمدت لضمان ولاء العشائر على العديد من الإجراءات والخطط، من بينها تعيين العديد من أبناء العشائر في مواقع ومناصب سياسية حساسة ومهمة. ويشير في هذا الصدد إلى أن تعيين حسين السلامة ابن مدينة دير الزور، والذي ينتمي إلى قبيلة "العكيدات" الكبيرة، رئيسا للمخابرات السورية، لم يكن إلا ضمن هذه الحسابات.
كما أن تعيين وزير الثقافة محمد ياسين الصالح ( من عشيرة البوحميد التابعة لعشيرة البوشعبان الكبرى في دير الزور ) يأتي للهدف نفسه، حيث يضطلع الصالح بدور كبير، ليس في العمل الثقافي كما يُفترض، بل في كسب ود العشائر العربية إلى صف السلطة في دمشق، وفقا للمصدر.
ويلفت إلى الدور الكبير الذي لعبه الصالح في المصالحات التي تمت بين دمشق وبعض شيوخ العشائر التي كانت موالية لنظام الأسد وإيران، مثل الشيخ فرحان المرسومي، شيخ عشيرة المراسمة، الذي نقل ولاءه إلى السلطات الجديدة بعد زيارة قام بها وزير الثقافة بصحبة شقيق الرئيس السوري، جمال الشرع إلى مضافة المرسومي، حيث أثارت الزيارة جدلا واسعا بسبب ماضي الرجل في التهريب وتجارة السلاح وتشكيل ميليشيا عسكرية لصالح إيران.
وبالفعل لم يتأخر الدور الذي قام به المرسومي، حيث ظهر أبناء عشيرته في الهجوم على السويداء، كبادرة ولاء للسلطة في دمشق.
ومن بين الأسماء التي تعود بنسبها إلى العشائر، يبرز أيضا وزير الصحة في الحكومة السورية مصعب نزال العلي، الذي ينتمي إلى عشيرة الفرعان في دير الزور، والتي تتبع لقبيلة العكيدات أيضا.
مناصب عسكرية
الأمر الآخر الذي اعتمدته السلطات السورية لاستقطاب العشائر، وفقا للمصدر، تمثل في منح رتب ومناصب عسكرية لأبناء العشائر، حيث يتم توزيع الرتب لكسب الولاءات. ويكشف المصدر في هذا السياق إلى منح رتبة عميد لأحد وجهاء عشيرته، رغم أنه كان متقاعدا قبل اندلاع الأزمة السورية، ويعيش في السعودية منذ ذلك الوقت.
من جهة أخرى، يلفت المصدر إلى التعيينات العسكرية كإجراء حاسم في كسب ولاء العشائر، حيث تم تعيين أحمد المحمد المعروف بلقب (أبو محمد شورى)، وهو من مدينة الرقة، قائدا للفرقة 66 في الجيش السوري، فيما عُيّن أحمد العبود الملقب باسم "أبو شهاب طيانة" قائدا للواء المهام الخاصة في الفرقة ذاتها.
كما تم تعيين أحمد حسن فياض الهايس الملقب باسم (أبو حاتم شقرا) وهو من دير الزور أيضا، قائدا للفرقة 86.
ويلفت المصدر إلى أن السلطات تسعى أيضا ومن خلال قرارها الأخير بزيادة عدد مقاعد مجلس الشعب من 150 إلى 210، لإرضاء العشائر، ليحصلوا على مقاعد إضافية في المجلس؛ لأن ملف النيابة مهم جدا للعشائر، على حد تعبيره.
قسد" تنافس دمشق
بالمقابل؛ يرى المصدر أن "قسد" تحاول استقطاب العشائر لكسب دعمها؛ أو على الأقل ضمان حياديتها في أي مواجهة مقبلة مع دمشق. وتحرص "قسد" على أن تكون لها شعبية عبر إظهار أنها تملك حاضنة في مناطق سيطرتها، ولا تحكم بالقوة فقط، لذلك أحيانا تقيم المؤتمرات لبعض العشائر، وتحاول استمالة أخرى.
وكان الرئيس المشارك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) الذراع السياسية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، محمود المسلط، قال في خطاب منتصف آب الماضي، إن العشائر السورية لن تكون وقودا ولا حطبا لصراعات داخلية أو إقليمية أو دولية.
و جاء حديث المسلط في رسالة وجهها إلى السوريين وإلى العشائر السورية عامة، وذكر فيها أن "العشائر العربية كانت صمام الأمان في حماية الأرض وحفظ الاستقرار، واليوم أصبح الجميع أحوج إلى دورها الكبير في صون وحدة الوطن وأمنه وأمانه"، بحسب ما جاء في الرسالة.
حضور عسكري وسياسي
وفقا للمصدر، تستميل "قسد" العشائر العربية عبر العديد من الإجراءات، وتكسب ولاءها منذ سنوات حتى اليوم اعتمادا على العديد من السياسات، أولها منح العشائر دورا بارزا في الإدارة المدنية للإدارة الذاتية والعسكرية ضمن صفوف "قسد". ويشير المصدر إلى أن "مجلس دير الزور العسكري" الذي يتشكل من العشائر حصرا، يعتبر أحد أبرز المجالس العسكرية في صفوف "قسد".
كما أن "الصناديد"، وهي وحدة عسكرية تابعة لقبيلة شمر بقيادة مهيدي دهام الجربا (توفي وحل ابنه مكانه)، تعد إحدى الوحدات العسكرية العشائرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
امتيازات اقتصادية
من جانب آخر، تقدم "قسد"، وفقا للمصدر، امتيازات كبيرة لشيوخ العشائر في مناطق سيطرتها، ويأتي ضمن ذلك منح آبار نفط لبعض شيوخ العشائر، كشيخ قبيلة شمر الذي لديه بئر نفط لحسابه الخاص.
ويوضح المصدر أن الجانب الاقتصادي في مناطق سيطرة "قسد" يلعب دورا كبيرا في استمرار ولاء العشائر، ويقول إن مستوى المعيشة والخدمات في مناطق "قسد" أفضل كثيرا من مناطق سيطرة الحكومة.
توزع العشائر العربية في سوريا
تشكل القبائل وفقا لبعض التقديرات أكثر من 65% من عدد سكان سوريا؛ ما يُظهر الثقل الكبير الذي تتمتع به، والذي يجعل منها بيضة القبان في أي ملف سياسي أو عسكري.
وتتوزع العشائر بشكل خاص في منطقة الجزيرة ( دير الزور والحسكة والرقة) وفي حلب وريفها وريف دمشق ودرعا وحماة وحمص وإدلب. وأبرز العشائر في سوريا:
-عشيرة "العكيدات"، إحدى أبرز العشائر، وتتألف من 13 عشيرة، وتتمركز في دير الزور وامتداد أرياف حمص وحلب ودمشق ولها امتداد في العراق.
قبيلة "البقارة" تتألف من 11 عشيرة من بينها "العبيدات" و"المشهور"، وتتمركز في دير الزور الغربي والحسكة ومنطقة جبل عبد العزيز وحلب، ولها امتداد في الأردن والعراق.
-"الجبور" من القبائل الكبيرة في الحسكة، تتألف من تسع عشائر منها "البوخطاب" و"المحاسن"، وتنتشر في الحسكة والشدادي، ولها وجود في حلب.
-"طي": من العشائر الكبيرة في القامشلي، وهي تحالف لـ14 قبيلة، أبرزها "العساف" و"المعامرة"، ولها نفوذ في القامشلي وانتشار في حلب وإدلب والجنوب السوري.
-"البوشعبان": هي من القبائل السورية البارزة أيضا، وتضم 11 عشيرة أبرزها "الجعابات" و"الشاهر"، وتنتشر في حلب وإدلب والرقة ومناطق البادية السورية وريف دير الزور والجنوب السوري، ولها انتشار في جنوب شرقي تركيا.
-"الموالي": وهي من القبائل التي لديها تاريخ طويل في المنطقة، تضم 13 عشيرة أبرزها "الدولة" و"الجماجمة"، وتنتشر في ريف حماة والبادية السورية وحلب وإدلب وأرياف الرقة.
-"قيس": من القبائل السورية الكبيرة، وتضم عشر عشائر أبرزها "بنو عجل" و"بنو عثمان"، ولها انتشار واسع على مختلف الأراضي السورية.
-"النعيم": القبيلة لها انتشار واسع في شمالي وجنوبي سوريا والبادية، وتضم خمس عشائر أبرزها "الشطيحات" و"البريدات".
وهناك قبائل أخرى مثل: شمر، الدليم، بني خالد، الحديديين، عنزة، بري، عشائر التركمان، الشرعة، وغيرها ذات الانتشار القوي في حلب وإدلب وجنوبي سوريا .