أمريكا واختبار الديمقراطية بين التحديات والانقسام
صحيفة بحر العرب – لوس أنجلوس
11 يونيو 2025
بين صخب الشوارع وصراع المؤسسات، تعيش الولايات المتحدة هذه الأيام واحدًا من أصعب اختبارات ديمقراطيتها. لوس أنجلوس، المدينة التي لطالما اشتهرت بالتنوع والانفتاح، تحولت إلى مسرح مفتوح للاحتجاجات، بعد موجة مداهمات عنيفة نفذتها سلطات الهجرة، ما فجّر غضبًا شعبيًا واسعًا.
في مشهد يعكس عمق الانقسام السياسي والمجتمعي، نزل الآلاف إلى الشوارع، مرددين شعارات تطالب بالعدالة الاجتماعية، ورافضين “تسييس الأمن”، ومستنكرين ما وصفوه بـ”العنصرية المؤسسية” في تطبيق القانون.
حظر التجوّل… والقلق يتصاعد
ردّ السلطات جاء سريعًا بفرض حظر تجوال ليلي في مناطق حيوية من وسط المدينة، مدعومًا بانتشار أمني كثيف، بل واستدعاء وحدات من الحرس الوطني. هذه الخطوة، وإن جاءت بدعوى حماية الأمن العام، إلا أنها زادت من التوتر، وأثارت مخاوف المدافعين عن الحقوق المدنية، الذين يرون فيها تهديدًا صريحًا لحرية التعبير والتظاهر.
تدخل فيدرالي يزيد الانقسام
وما زاد الطين بلة، هو التدخل الفيدرالي المباشر بأوامر من الرئيس، والذي وصف المظاهرات بأنها “فوضى لا يمكن السكوت عنها”، وهدد بـ”إعادة فرض النظام بالقوة”. في المقابل، هاجم حاكم ولاية كاليفورنيا هذه التصريحات، معتبرًا إياها “استغلالاً سياسياً للأزمة”، مؤكداً أن ما يجري “ليس سوى تعبير عن غضب شعبي مشروع يجب الاستماع إليه، لا قمعه”.
الديمقراطية تحت المجهر
تعيش الديمقراطية الأميركية اليوم حالة من الضغط غير المسبوق:
• تصاعد في الاحتجاجات
• تفكك في الثقة بين المواطن والدولة
• استخدام القوة بشكل متكرر ضد متظاهرين سلميين
• انقسام بين السلطات الفيدرالية والمحلية
كل هذه العناصر تضع مبادئ الديمقراطية الأميركية على المحك، وسط تساؤلات حقيقية:
هل ما زالت الديمقراطية قادرة على استيعاب الأزمات؟ أم أنها تنهار تحت وطأة الاستقطاب والعنف السياسي؟
ما القادم؟
الشارع لم يهدأ، والاحتقان لا يزال مستمرًا، والسلطات أمام خيارين:
1. الاستمرار في المسار الأمني والعسكري
2. أو الانفتاح على حوار وطني واسع يعيد الثقة ويؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاح.
إن ما يحدث اليوم في لوس أنجلوس ليس مجرد احتجاج محلي، بل علامة بارزة في مسار الديمقراطية الأميركية. فإما أن تُثبت قدرتها على التجدد والتعافي، أو تدخل منعطفًا قد يُعيد تشكيل هويتها السياسية لعقود قادمة.