تطورات اعتقال العميل "يان. ف".. فرنسا تطرد دبلوماسيين ماليين
بحرالعرب_متابعات:
منحت فرنسا دبلوماسيين ماليين طردتهم، يوم السبت مهلة أخيرة لمغادرة البلاد، في أحدث فصول التوتر بين باماكو وباريس.
وتتهم فرنسا الدولة الأفريقية بانتهاك اتفاقية فيينا، وتتجه للضغط على نظام أسيمي غويتا عن طريق ملف التأشيرات.
وبعد شهر من اعتقال عميل استخبارات فرنسي في باماكو، قررت باريس طرد دبلوماسيين ماليين وتعليق التعاون الأمني، ضمن استراتيجية "حازمة" قد تأتي بنتائج عكسية.
العميل "يان. ف"
ويعد هذا مرحلة جديدة من الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، بعد ما جرى في 14 أغسطس آب الماضي، حين تم اعتقال "يان. ف"، وهو عميل "جهاز المخابرات الفرنسي" بتهمة "محاولة زعزعة الاستقرار".
هذا الأخير ضابط مخابرات في المديرية العامة للأمن الخارجي، مُكلَّف بالسفارة الفرنسية في مالي، ومعتمد رسميًا من قِبل السلطات المالية.
وكان يعمل تحديدًا في إطار التعاون الأمني رغم رحيل القوات الفرنسية في نهاية عملية برخان، وهي مهمة عسكرية فشلت استراتيجيًا على مدى عشر سنوات.
في اليوم نفسه، أُلقي القبض على عشرة ضباط ماليين، من بينهم جنرالان، هما نيما ساجارا وعباس ديمبيلي وعدد من الجنود الآخرين للسبب نفسه، وهو محاولة زعزعة استقرار البلاد. لذلك قررت باريس الرد بإعلان شخصين غير مرغوب فيهما، وأُعطيا مهلة حتى 20 سبتمبر لمغادرة البلاد.
وكانت السلطات المالية، بقيادة الجنرال أسيمي غويتا، الحاكم منذ انقلاب أغسطس 2020، أمرت خمسة دبلوماسيين فرنسيين آخرين، كانوا يعملون أيضا في السفارة الفرنسية في باماكو، بمغادرة البلاد، علما أن هؤلاء الأشخاص غادروا مالي بالفعل في 14 سبتمبر.
ومنذ سبعة وثلاثين يومًا، تتفاوض وزارة الخارجية والسفارة الفرنسية مع السلطات المالية لإطلاق سراح عميلها، الذي يتمتع بالحصانة الدبلوماسية التي تنظمها اتفاقية فيينا لعام 1961 والتي صادقت عليها مالي عام 1968.
وفي ما تعتبره باريس انتهاكا للنصوص القانونية الدولية الملزمة للطرف المالي، لم يُسمح للدبلوماسي الفرنسي بتلقي زيارة قنصلية للاطمئنان على صحته في مكان احتجازه، حيث يتم استجوابه من قبل ضباط أمن الدولة.
وينفي مصدر دبلوماسي فرنسي "انتهاك حقوقه من طرف السلطات المالية أو تعرضه لمعاملة سيئة"، مرجعا تعثر المفاوضات حاليا بسبب رفض الماليين النظر في المعاهدات الدولية التي وقعتها باماكو في إشارة لاتفاقية فيينا.
وليس تدهور العلاقات بين البلدين بالأمر الجديد، لكن بخلاف جارتها وحليفتها، بوركينا فاسو، التي تشهد قطيعة واضحة مع توقف التبادل التجاري، استمر التعاون الأمني مع مالي، المنخرطة، على غرار دول الساحل، في حرب ضد الجماعات المسلحة، ولا سيما جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم "داعش".
وعلى الرغم من أن هذا التعاون سري، إلا أنه مُعلّق حاليًا، ويقتصر على تقديم المعلومات الاستخباراتية والمساعدة التقنية، فيما لجأت مالي إلى روسيا طلبًا للمساعدة في حربها ضد الجماعات المتطرفة.
وواصلت المديرية العامة للأمن الخارجي التي كان "يان ف" ممثلها المُعلن لدى السلطات في باماكو، نقل معلومات مُفصّلة إلى أمن الدولة المالي حول تحركات الجماعات المتطرفة التي تُحاصر العاصمة تدريجيًا.
وللمرة الأولى الأسبوع الماضي، فرضت جماعة نصرة الإسلام حصارًا على الطرق في جنوب وغرب مالي، مانعةً تدفق البضائع من موانئ الدول المجاورة الساحلية إلى هذا البلد غير الساحلي.
ويُخشى من أن خيار "الحزم" كما يُطلق عليه في المصطلحات الدبلوماسية، لن يُؤتي ثماره في ظل التهديد بعقوبات أخرى ضد باماكو، حيث تُظهر أزمات أخرى كثيرة سبقتها أن النتائج نادرًا ما تُحقق إلا بالتفاوض.
ومع استمرار تدهور العلاقات الدبلوماسية منذ طرد السفير الفرنسي في فبراير 2022، قد تلجأ باريس إلى وسيلة أخرى، وهي ملف التأشيرات وفق مصادر مالية مطلعة.
وقبل الأزمة، كانت السفارة الفرنسية تُصدر حوالي 120 تأشيرة يوميًا للماليين الراغبين في السفر إلى فرنسا، ثم انخفض هذا العدد إلى الصفر.
ومؤخرًا، خففت وزارة الخارجية الفرنسية سياستها بشكل حذر، وسمحت بإصدار حوالي عشرين تأشيرة يوميًا. وهو قرار يمكن لباريس التراجع عنه، أو حتى التصعيد بفرض حظر على دخول المسؤولين الماليين.
في هذه الأثناء، يواجه العقداء في باماكو، بعد التطهير الواسع النطاق الذي نفذ داخل الجيش في أغسطس، انتقادات متزايدة من السكان، بسبب فشل مواجهة تقدم هجمات المتطرفين على الأراضي المالية وغياب التكريم الوطني للجنود الذين "سقطوا في ميدان الشرف".