تحالفات بلا ضمانات.. العقوبات الغربية "تفخخ" طريق إيران نحو معركة الشرق
بحرالعرب_متابعات:
أصبحت إستراتيجية "النظر شرقًا" أحدث نقطة خلاف في السياسة المتوترة في إيران، حيث يقدمها المحافظون كدرع ضد العزلة الغربية، بينما يحذر الإصلاحيون من أنها تخاطر بالاعتماد المفرط على شركاء غير موثوق بهم.
ووفق تقرير لقناة "إيران إنترناشونال"، تزايدت حدّة النقاش الأسبوع الماضي عندما شارك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين بالصين.
وفي حين أشاد منتقدوه المعتادون في المعسكر المتشدد بالرحلة باعتبارها دليلًا على اندماج إيران في النظام العالمي متعدد الأقطاب، حذّر بعض المؤيدين المعتدلين من أن الهيكل الفضفاض للكتلة والمصالح المتنافسة يقلل فائدتها في أوقات الحاجة.
ويصور أنصار نهج "النظر شرقًا" عضوية منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها فوزًا سياسيًّا، إذ كتبت صحيفة "كيهان" المتشددة: "إن تعزيز حضور إيران في منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس يُعرقل مشروع الولايات المتحدة والغرب لعزل إيران". وأشارت إلى أن الرسالة الواضحة هي أنه "كلما ازداد الضغط، توطدت علاقات إيران مع القوى الكبرى غير الغربية".
فيما أكدت وكالة "نور نيوز"، المرتبطة بالمؤسسة الأمنية الإيرانية، أن الرحلة تزامنت مع تفعيل أوروبا لآلية إعادة فرض العقوبات، وجادلت بأن العضوية تساعد طهران على بناء "إجماع سياسي" ضد الضغوط الغربية.
واستنكر البيان الختامي للقمة العقوبات المفروضة على إيران ووصفها بأنها غير عادلة، وأدان الضربة العسكرية الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية.
لكن الأصوات الإصلاحية تُسلّط الضوء على محدودية التكتل، إذ أشار سازانديغي إلى أن منظمة شنغهاي للتعاون ليست حلف شمال الأطلسي ولا الاتحاد الأوروبي، ولا تُقدّم أي ضمانات أمنية، وقد رفضت في الماضي انضمام إيران إليها بسبب عقوبات الأمم المتحدة.
واعتبرت صحيفة "كيهان" أن روسيا، التي لم تتلقَّ سوى القليل من الدعم العملي من منظمة شنغهاي للتعاون بعد العقوبات الغربية، "مثال يعزز هذا الرأي".
توقعات اقتصادية متباينة
ومن الناحية الاقتصادية، يرى أنصار حركة "انظر شرقًا" أن هذه السياسة بمثابة ترياق للعقوبات وبوابة إلى أسواق جديدة.
واستغل بيزيشكيان القمة للدعوة إلى استخدام أكبر للعملات الوطنية، والأنظمة المالية الرقمية المشتركة، وصندوق التسوية متعدد الأطراف.
وقالت صحيفة "جافان" المرتبطة بالحرس الثوري إن مثل هذه الآليات يمكن أن تقلل الاعتماد على النظام المالي الغربي.
وكتبت الصحيفة في عددها الصادر الأحد: "إن منظمة شنغهاي للتعاون توفر منصة لتقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي".
وأضافت أن "صندوق العملة متعدد الأطراف... يمكن أن يسرع نمو الاقتصاد الرقمي في إيران، في حين أن ربط ميناء تشابهار بالممر الشمالي الجنوبي سيحوّل إيران إلى مفترق طرق تجاري بين الصين وروسيا والهند".
ليردّ المنتقدون بأن هذه الطموحات تواجه قيودًا صارمة، فالدول الأعضاء الرئيسية في منظمة شنغهاي للتعاون، بما في ذلك الهند ودول آسيا الوسطى، تحافظ على علاقات اقتصادية وثيقة مع الغرب، وقد تتردد في المخاطرة بفرض عقوبات ثانوية.
توقعات الأمن
ورغم أن منظمة شنغهاي للتعاون ليست تحالفًا عسكريًّا، فإن المحافظين ينظرون إلى إطارها الأمني ورمزيتها باعتبارهما محورَين في مبادرة "انظر إلى الشرق".
وقال "جافان" إن وجود بيزيشكيان إلى جانب الزعماء الصينيين والروس والهنود أرسل رسالة رادعة.
وأكدت الصحيفة أن "الرد على أي هجوم أمريكي إسرائيلي لن يأتي من طهران فقط، بل وبوسائل أخرى، من الكتلة الشرقية".
وأشارت الوسيلة ذاتها إلى آفاق التعاون في مجالات السيبرانية والذكاء الاصطناعي والاتصالات المتقدمة، قائلة إن التقنيات الروسية والصينية يمكن أن تساعد إيران في سد الفجوة التكنولوجية الناجمة عن العقوبات ودعم "التحديث الذكي للدفاع والاقتصاد".
واعترفت صحيفة "إيران" الحكومية بأن التوقعات بشأن التحالفات الشرقية كانت مبالغًا فيها في بعض الدوائر، وقالت: "كان البعض في طهران يتوقع أن تعمل منظمة شنغهاي للتعاون كدرع أمني حقيقي لأعضائها، وليس مجرد إصدار بيان رسمي بالإدانة".
ومع ذلك، فإن هذه التوقعات لا تستند إلى حقائق مؤسسية بقدر ما تستند إلى مفاهيم رومانسية ونسج خرافات سياسية، كما أضاف التقرير: "على مدى العقدين الماضيين، غذّت تسميات مثل حلف الناتو الشرقي، أو تحالف الهيمنة المناهض للغرب، أو حتى حلف وارسو الجديد، هذه التصورات المتضخمة في الخطاب السياسي الإيراني".