بحث

ترامب يتراجع عن مواجهة الصين.. فما قصة "مخطط الجمجمة"؟

الاثنين 08/سبتمبر/2025 - الساعة: 1:56 م

بحرالعرب_متابعات:

 

تبدو الولايات المتحدة الآن في طور إعادة تقييم شامل لعلاقاتها مع الصين، سواء في مجالات التجارة أم الدفاع. 

 

وتشير أحدث استراتيجية الدفاع الوطني، التي سُلّمت مؤخرًا إلى وزير الحرب بيت هيغسيث، إلى إعادة تركيز "وزارة الحرب" على المهام المحلية والإقليمية، بدلًا من التركيز على خصوم عالميين كالصين وروسيا، وفق صحيفة "آسيا تايمز".

 

وتُلغي هذه الوثيقة، التي يُفترض أنها من عمل وكيل وزارة الحرب للسياسات، إلبريدج كولبي، عقودًا من السياسات التدخلية السابقة، لتتبنى نهجًا أكثر واقعية في التعاطي مع القوى الكبرى.

 

وقد يُفاجئ هذا المراقبين، خاصة أن كولبي كان من أبرز دعاة "استراتيجية الإنكار" القوية لمواجهة الصين، إلا أنه في جلسات تأكيد تعيينه، أبدى كولبي لمحات مفاجئة من الواقعية، حيث قال: "تايوان مهمة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة، لكنها ليست مصلحة وجودية".

 

وتطرح هذه التصريحات سؤالًا مهمًا: هل أتى هذا التراجع بعد مراجعة المعلومات الاستخباراتية والبيانات الدقيقة، أم أنه مجرد انعكاس لأهواء رئيس متقلب؟

 

في المقابل، استعرضت الصين مؤخرًا عرضًا عسكريًا مذهلاً، أظهرت من خلاله قدرة صناعتها الدفاعية على التطور بوتيرة مدهشة، مشابهة لنجاحها في صناعة السيارات الكهربائية. 

 

وقدمت الصين معدات جديدة تشمل صواريخ، وطائرات دون طيار، وطائرات مقاتلة، ومروحيات، وغواصات، وسفنا حربية.

 

وتستفيد الصين من الجامعات التي تخرج 6.7 أضعاف عدد المهندسين مقارنة بالولايات المتحدة سنويًا، ما يعزز قدرتها على تطوير الأسلحة بسرعة غير مسبوقة.

 

ليس التراجع الدفاعي هو الوحيد المرتقب؛ فقد مددت إدارة ترامب مفاوضات الرسوم الجمركية مع الصين لمدة 90 يومًا إضافية، وهي المرة الثالثة التي يتم فيها التراجع عن مفاوضات مع الصين.

 

وكانت المرة الأولى بعد جولات الرسوم الجمركية المتصاعدة في جنيف، والتي هددت بإفراغ رفوف المتاجر الأمريكية وتجميد الصناعات بسبب نقص المدخلات.

 

أما المرة الثانية، فشملت التراجع عن العقوبات المفروضة على الطلاب الصينيين وصادرات محركات الطائرات، واستعادة صادرات المعادن النادرة جزئيًا بعد توقف الصين.

 

ويظهر التحليل أن الناتج المحلي الإجمالي للصين على أساس تعادل القوة الشرائية أكبر من المقدر رسميًا، ويعادل الضعف أو ثلاثة أضعاف الناتج الأمريكي. 

 

ويوضح برنامج المقارنة الدولية (ICP) أن نصيب الفرد في الصين والمكسيك متقارب تقريبًا، لكن مقارنة الأسعار والسلع والخدمات تشير إلى أن القيم الرسمية الصينية منخفضة جدًا، ما يقلل تقدير الاستهلاك والإنتاج الفعلي للصين.

 

من جانبه، أوضح البروفيسور رافائيل غوثمان من جامعة ألبرتو هورتادو أن حجم الاقتصاد الصيني الفعلي يفوق ضعف حجم الاقتصاد الأمريكي من حيث الاستهلاك والإنتاج الصناعي، ويؤكد أن الصناعات الصينية تغطي مجالات واسعة بمستويات إنتاجية ضخمة.

 

يطلق المراقبون على هذه الحسابات اسم "مخطط الجمجمة"، وهو ميم ساخر مستوحى من ملاحظة فاتسلاف هافيل عن النمو الهائل للصين: "لم يُتح لنا الوقت بعد لنندهش".

 

يدرك المواطنون الأمريكيون الآن حجم التحدي الصيني، ويظهر هذا في استراتيجية الدفاع الوطني الجديدة، التي تمثل قرارًا واقعيًا لإمبراطورية متعبة تسعى لمعالجة التحديات المحلية قبل الانخراط في صراعات خارجية.

 

يدعو التقرير الجديد الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في التزاماتها العسكرية، وتوجيه الموارد لحل المشكلات الداخلية ومعالجة حرائق النفايات المحلية، مع الاعتراف بأن الجنود الذين يجوبون المدن الأمريكية يمثلون جزءًا من استراتيجية أوسع لتطويق التحديات.

 

في الوقت ذاته، يواجه فريق ترامب الاقتصادي صعوبة في التعامل مع حسابات "مخطط الجمجمة" في المفاوضات التجارية، مع إدراك أن القوة الصينية ليست مجرد أرقام رسمية، بل واقع ملموس يفرض على الولايات المتحدة تبني سياسة أكثر توازنًا وواقعية.

متعلقات:

آخر الأخبار