الاقتراع يشتعل في الصعيد.. مصر أمام انتخابات حاسمة
صحيفة بحر العرب - متابعات:
يواصل الناخبون في مصر، اليوم، الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، والتي تُجرى على مدار يومي 23 و24 نوفمبر، وسط أجواء توصف بأنها من بين الأصعب في تاريخ الاستحقاقات البرلمانية. وتأتي هذه المرحلة بعد قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بإعادة التصويت في 19 دائرة، غالبيتها في محافظات الصعيد، على خلفية تجاوزات شابت المرحلة الأولى، على أن تُجرى جولة الإعادة في هذه الدوائر نهاية ديسمبر المقبل.
وكان قد وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الهيئة الوطنية للانتخابات مؤخراً، بالتدقيق في فحص الأحداث التي شابت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، في عدد من دوائر الاقتراع على المقاعد الفردية، والطعون المقدمة بشأنها. وطلب الرئيس المصري عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، من الهيئة الوطنية للانتخابات، أن تكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، وألا تتردد في اتخاذ القرار الصحيح عند تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية، سواء بالإلغاء الكامل لهذه المرحلة من الانتخابات، أو إلغائها جزئياً في دائرة أو أكثر، على أن تُجرى الانتخابات الخاصة بها لاحقاً.
وكان جاء في إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات النتيجة الرسمية للمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، إلغاء الانتخابات في 19 دائرة انتخابية وهي 1 بالجيزة و4 دوائر في قنا و7 في سوهاج و2 في الفيوم و1 في الإسكندرية و3 في البحيرة.
ومن المقرر إجراء الجولة الأولى من الدوائر الملغية بالمرحلة الأولى يومي 1 و2 ديسمبر في الخارج ويومي 3 و4 ديسمبر في الداخل وتعلن النتيجة يوم 11 ديسمبر، وفى حالة الإعادة تجرى الانتخابات في الدوائر الـ19 يومى 24 و25 ديسمبر فى الخارج ويومى 27 و28 فى الداخل وإعلان النتيجة يوم 4 يناير.
ويقول نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور رضا فرحات، إن شكل الانتخابات في المرحلة الثانية قد تَحسّن بشكل كبير عمّا كان عليه في الأولى، وذلك من خلال الالتزام بالصمت الانتخابي وعدم وجود لافتات للمرشحين أمام اللجان أو في الشوارع خلال فترة الصمت؛ ما يعكس التزام الأحزاب والقائمين على الانتخابات بالقواعد التي وضعتها الهيئة الوطنية للانتخابات لضمان معايير النزاهة في العملية الانتخابية.
وأوضح فرحات أن الدافع وراء هذا الالتزام هو ما طالب به الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال تدوينته على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قبل أيام بعد انتهاء المرحلة الأولى، لافتاً إلى أن الهيئة الوطنية للانتخابات كانت أعلنت التزام الأحزاب بتقديم بيان مفصل حول دعايتها الانتخابية مع انطلاق مرحلة الدعاية في محافظات المرحلة الثانية، وذلك بغضّ النظر عن مدى التزام تلك الأحزاب بسقف الدعاية الانتخابية الذي كانت اللجنة وضعته بقيمة تصل إلى 500 ألف جنيه.
وأضاف فرحات أن مداخل اللجان الانتخابية حتى الآن تخلو تمامًا من اللافتات ومظاهر الدعاية الصارخة، إضافة إلى اختفاء عمليات الحشد التي كانت تتم عادة أمام اللجان والتي كانت تعيق مشاركة الجمهور في التصويت بسبب الانتظار لفترات طويلة خارج المقار الانتخابية، لافتاً إلى أن غياب هذا الحشد المنظم ساعد على انسيابية الدخول للجان، فضلًا عن اختفاء وسائل الدعاية التي كانت تحمل نوعاً من التأثير المباشر في الناخب.
ويرى فرحات أن هناك في هذه المرحلة "الثانية" جانباً واضحاً من خلو مظاهر خرق الصمت الانتخابي في وقت شهدت فيه المرحلة الأولى حضوراً لبعض الأحزاب وقيامها بعمليات الدعاية بشكل متصاعد، مشيراً إلى أن ما يجري في المرحلة الثانية خلق حالة من التفاؤل بأنها ستحمل فرصًا أكبر لصالح المرشحين المستقلين؛ ما يعزز إمكانية نجاح مرشحين من خارج الأحزاب، رغم أن بعض الدوائر ستظل محسومة لمرشحين بعينهم بسبب طبيعة الدائرة ومدى ثقل المرشح وقدرته اللوجستية والمالية على الحشد.
استكمل فرحات أن هذه الأجواء تمنح تشجيعاً للناخبين على المشاركة والإدلاء بأصواتهم، نتيجة تولّد قناعات بأن أصواتهم ستكون مؤثرة في العملية الانتخابية، وأن النتائج غير محسومة مسبقًا؛ ما يعزز أهمية الصوت الفردي، مؤكداً أن تراجع عمليات الحشد والتضييق التي كانت تتم أحياناً على دخول الناخبين ووقوفهم في طوابير طويلة كان مرهقاً.
وطالب فرحات بضرورة إجراء تعديلات على قانون الأحزاب السياسية وقانون مباشرة الحقوق السياسية بما يتوافق مع ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً بشأن رغبته في إثراء الحياة السياسية وتهيئة مناخ سياسي يتناسب مع تاريخ مصر النيابي.
ومن جانبه، أكد مدير حملة الدعاية الانتخابية لحزب العدل، علي حميد، أن هناك اختفاءً ملحوظًا لعمليات الدعاية أمام اللجان وكذلك اللافتات التي تحمل أسماء الأحزاب وشعاراتهم.
وبين حميد أن مشكلات التصويت بدت قليلة حتى الآن في المرحلة الثانية، باستثناء بعض الخروقات في عدد من دوائر المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، والتي تم تقديم شكاوى بشأنها إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، مؤكدًا وجود حالة من السهولة واليسر في التواصل مع الهيئة لتقديم شكاوى المخالفات.
ويرى حميد أن أجواء الانتخابات في المرحلة الثانية أفضل بكثير من المرحلة الأولى، سواء من حيث أداء المندوبين أو تسكينهم في اللجان بنسب تجاوزت 90%، لافتاً إلى أن حجم المشاركة سيزيد ويتضاعف مع شعور الجمهور بضرورة مشاركتهم وإدراكهم أن صوتهم قادر على توجيه مسار الانتخابات، ولا سيما مع اختفاء الخروقات وأشكال الدعاية التي كانت موجودة في المرحلة الأولى؛ ما شجع المواطنين على النزول والمشاركة والاختيار بحرية.
ولفت حميد إلى أن بعض الدوائر تشهد تصويتاً جيداً نسبياً، مثل دوائر ميت غمر والمحلة التي بدأت نسبة المشاركة فيها بالارتفاع، متوقعًا زيادة التصويت في الساعات القادمة بعد انتهاء ساعات عمل الموظفين؛ ما يرجّح وجود كثافات تصويتية بعد فترة الاستراحة داخل اللجان.