مجلس القيادة صمت يوازي التواطؤ: من يحمي التمرد في قمة الشرعية؟
عادل الشجاع
حين تتخذ شخصية رسمية قرارات تتناقض صراحة مع الدستور والقانون، وتتصرف كسلطة موازية، وتدار خارج إطار الدولة، فإن الوصف القانوني والسياسي لا يكون ملتبسا: فنحن أمام تمرد..
وحين يكون هذا التمرد صادرا عن عضو في أعلى هرم السلطة التنفيذية، فالمصيبة لا تكمن في الفعل وحده، بل في الصمت الذي يغطيه..
عيدروس الزبيدي لم يعد حالة رمادية، ممارساته السياسية والعسكرية، وخطابه، وإدارته لواقع انفصالي، تتعارض بوضوح مع مرجعيات الدولة اليمنية، ومع الدستور، ومع القرارات الدولية التي تؤكد على وحدة اليمن، بل وتصنفه ـ وفق منطق تلك القرارات ـ كمتمرد وجب محاكمته..
السؤال الذي يجب أن يطرح بجرأة، لا همسا:
لماذا لا يحدث شيء؟
لماذا لا يصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي قرارا واضحا بفصل عضو يتمرد على الدولة من داخلها؟
لماذا لا يعلن مجلس القيادة موقفا قانونيا صريحا يجرم هذه الأفعال؟
لماذا يلتزم رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الشورى، وقيادات الأحزاب، صمتا مريبا، وكأن الأمر لا يعنيهم؟.
هذا الصمت ليس حيادا، بل مشاركة غير معلنة في تعطيل الدولة، ثم نصل إلى السؤال الأخطر:
لماذا تفاوض السعودية من يتمرد على الشرعية؟.
أليست السعودية هي راعية اتفاق الرياض، وهي من دفعت باتجاه تشكيل مجلس القيادة الرئاسي،وهي من يفترض أنها تدعم الشرعية؟.
فكيف تتحول من راعٍ لاتفاق يوحد المؤسسات، إلى وسيط يضفي شرعية على طرف ينقلب على تلك المؤسسات؟
كيف يفهم هذا التناقض إلا بوصفه إدارة للأزمة لا حلا لها؟ واستقطاعا للوقت، وإبقاء لليمن في حالة سيولة سياسية تخدم مصالح إقليمية، لا مصلحة الدولة اليمنية!.
المشكلة لم تعد في عيدروس الزبيدي وحده، المشكلة في رشاد العليمي الذي يقود مجلسا بلا قرار وفي رئاسة برلمان لا تجرؤ على المحاسبة وفي مجلس شورى غائب وأحزاب ترفع شعارات الدولة، لكنها تخشى اتخاذ موقف عندما تنتهك هذه الدولة علنا..
كل هؤلاء مسؤولون، عن شرعنة التمرد بالصمت ومسؤولون عن تضليل الشارع اليمني بشعارات التوافق والشراكة، بينما تفرغ الدولة من معناها..
أي سلام يرجى، والدولة لا تملك شجاعة تسمية المتمرد متمردا؟ وأي شرعية هذه التي تتعايش مع من يقوضها من الداخل؟
يا شعب اليمن، ما يدار اليوم ليس خلافا سياسيا عابرا، بل تفكيك ممنهج لفكرة الدولة، تحت رعاية الصمت، وبمباركة الخوف، وبحسابات الخارج..
الصحوة تبدأ بسؤال بسيط:
من يحكم؟ وبأي حق؟ ومن يملك الشجاعة ليقول: كفى؟ إن لم يسم التمرد تمردا اليوم،
فلن يبقى غدا ما يسمى دولة!.